اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأن من زار قبره وجبت له شفاعته

اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأن من زار قبره وجبت له شفاعته






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ فقد دأب أهل الغلو في كل ما غلوا فيه بالدندنة حول أمر يوهم العامة أنه مشروع، ويحاولون الاستدلال على ذلك بأدلة إما موضوعة، أو واهية لا يعتمد عليها، أو لا تدل على مرادهم، ثم يجلعون ذلك الأمر الذي غلوا فيه أصلا يفرعون عليه التفريعات الكثيرة، فمن ذلك: الغلو في قبره صلى الله عليه وسلم حيث يعتقد الغلاة بأن من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وجبت له شفاعته.
فممن شهر القول بذلك منهم: السبكي[1]، وابن حجر الهيتمي[2] واستدلوا على ذلك بالآتي:
أولا:" من زار قبري وجبت له شفاعتي" رواه الدارقطني[3]، والبيهقي[4].
ثانيا:" من زار قبري حلت له شفاعتي" رواه البزار[5].
أما دليلهم الأول: ففيه موسى بن هلال العبدي:
قال ابن أبي حاتم:" سألت أبي عنه فقال: مجهول"[6].
وقال العقيلي:" لا يصح حديثه ولا يتابع عليه"[7].
وقال ابن عبد الهادي:" مجهول الحال"[8].
وقال ابن حجر:" صويلح الحديث... ثم قال: وأنكر ما عنده حديثه عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا :" من زار قبري وجبت له شفاعتي"[9].
واختلف في رواية موسى بن هلال هل هي عن عبد الله بن عمر العمري الضعيف أم عن أخيه عبيد الله العمري الثقة، زعم السبكي أن  روايته عن عبيد الله المصغر الثقة أرجح ويحتمل أن يكون الحديث عن عبيد الله وعبد الله جميعا ويكون موسى سمع منهما[10].
وقد جانب السبكي الصواب فيما ذهب إليه: والصواب أن رواية موسى بن هلال عن عبد الله المكبر.
قال ابن حجر:" قال ابن خزيمة في صحيحه في باب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إن ثبت الخبر فإن في القلب منه[11] ثم رواه عن الأحمسي كما تقدم وعن عبد الله بن محمد الوراق عن موسى بن هلال عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه به وقال بعده: أنا أبرأ من عهدته، هذا الخبر من رواية الأحمسي أشبه لأن عبيد الله بن عمر أجل وأحفظ من أن يروي هذا المنكر، فإن كان موسى بن هلال لم يغلط في من فوق العمرين فشبه أن يكون هذا من حديث عبد الله بن عمر، فأما من حديث عبيد الله بن عمر فإني لا اشك أنه ليس من حديثه.
قال ابن حجر:" هذه عبارته بحروفها، وعبد الله بن عمر العمري بالتكبير ضعيف الحديث وأخوه عبيد الله بن عمر بالتصغير ثقة حافظ جليل، ومع ما تقدم من عبارة ابن خزيمة وكشفه لعلة هذا الخبر لا يحسن أن يقال أخرجه ابن خزيمة في صحيحه إلا مع البيان"[12].
ومما يقطع النزاع أن رواية موسى بن هلال عن عبد الله لا عن عبيد الله ما ذره الدولابي في الكنى قال:" حدثنا علي بن معبد بن نوح قال حدثنا موسى بن هلال قال حدثنا عبد الله بن عمر أبو عبد الرحمن أخو عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، ثم ذكر الحديث"[13].
قال الحافظ ابن حجر معلقا على عبارة الدولابي:" فهذا قاطع للنزاع من أنه عن المكبر لا عن المصغر فإن المكبر هو الذي يكنى أبا عبد الرحمن وقد أخرج الدولابي هذا الحديث في من يكنى أبا عبد الرحمن"[14].
وعليه فقد ثبت أن رواية موسى بن هلال كانت عن عبد الله بن عمر العمري الذي قال فيه:
البخاري:" كان يحيى بن سعيد يضعفه"[15].
والنسائي:" ليس بالقوي"[16].
وابن حبان:" كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن ضبط الأخبار وجودة الحفظ للآثار فرفع المناكير في روايته فلما فحش خطؤه استحق الترك"[17].
الحكم على الحديث:
قال البيهقي:" سواء قال عبيد الله أو عبد الله فهو منكر عن نافع عن ابن عمر لم يأت به غيره"[18].
وقال النووي معلقا على إيراد الشيرازي للحديث موضوع الدراسة:" وأما حديث ابن عمر فرواه البزار والدارقطني والبيهقي بإسنادين ضعيفين"[19].
وقال ابن عبد الهادي:" حديث منكر عند أئمة هذا الشأن ضعيف الإسناد عندهم لا يقوم بمثله حجة ولا يعتمد على مثله في الاحتجاج[20].
ومر بنا قريبا انكار ابن خزيمة وابن حجر لهذا الحديث.
وأما  دليلهم الثاني: الذي رواه البزار ففيه عبد الله بن إبراهيم:
قال فيه البزار عقيب الحديث:" عبد الله بن إبراهيم لم يتابع على هذا"[21].
وقال العقيلي:" كان يغلب على حديثه الوهم"[22].
وقال ابن حبان:" كان ممن يأتي على الثقات بالمقلوبات وعن الضعفاء بالملزقات"[23].
وقال ابن حجر:" متروك"[24].
وفي الحديث أيضا عبد الرحمن بن زيد تقدمت أقوال العلماء في ضعفه.
الحكم على الحديث:
تقدم قول النووي بضعفه.
وقال ابن عبد الهادي:" حديث ضعيف منكر ساقط الإسناد"[25].
وبالنظر إلى متن الحديثين نجد:
حصول الشفاعة بل وجوبها لمن زار قبره صلى الله عليه وسلم، وهذا لم يثبت، لأن حصول الثواب على عبادة ما أمر توقيفي لا يؤخذ إلا من كتاب الله تعالى أو الصحيح من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح، وقد بين أهل العلم بالحديث أن مثل تلك الرواية لا يعتمد عليها في أخذ الأحكام الشرعية، وقد أغنانا الله من فضله عن تلك الروايات الضعيفة بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يبين ويوضح لنا كيف نحظى بشفاعته صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قيل يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت على حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال:" لا إله إلا الله خالصا من قلبه، أو نفسه"[26].
ومن ذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجوا أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له شفاعتي"[27].
وغير ذلك من الأحاديث التي تبين أسباب الحصول على شفاعته صلى الله عليه وسلم.
فإذا علمنا هذا فقد يرد تساؤل لماذا يتشبث الغلاة بمثل تلك الأحاديث الواهية وينافحون عنها؟
أيستدلون بها ظنا منهم أن أحدا من المسلمين ينكر زيارة مسجده عليه الصلاة والسلام المتضمنة لزيارة قبره الشريف وقبري صاحبيه وأهل البقيع وغير ذلك من الأماكن التي تشرع للزائر إذا قدم مدينته صلى الله عليه وسلم؟
وبالرجوع إلى كتب أهل العلم، وكتب الغلاة تبين لي أن الغلاة لم يهتدوا إلى التفريق بين الحث والترغيب في زيارة القبور مطلقا وبين السفر إليها بشد الرحال، فالأول أمر مستحب دلت عليه السنة ففي مسلم وغيره قوله صلى الله عليه وسلم:" فزوروا القبور فإنها تذكر الموت"[28] والثاني منهي عنه للنهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة في الحديث المتفق عليه:" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى"[29] واللفظ لمسلم[30].
وفي هذا المعنى يقول ابن عبد الهادي:" والسفر إلى زيارة القبور مسألة وزيارتها من غير سفر مسألة أخرى، ومن خلط هذه المسألة بهذه المسألة وجعلها مسألة واحدة وحكم عليها بحم واحد وأخذ في التشنيع على من فرق بينهما وبالغ في التنفير عنه فقد حرم التوفيق وحاد عن سواء الطريق"[31].
وهذا الذي قاله ابن عبد الهادي هو ملخص ما قاله ابن تيمية في مسألة الزيارة المشهورة التي افترى عليه فيها الغلاة الكذب، وزعموا أن الشيخ يمنع زيارة القبور مطلقا أو زيارة قبره صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ الألباني:" يظن كثير من الناس أن شيخ الإسلام ابن تيمية ومن نحى نحوه من السلفيين يمنع زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، وهذا كذب وافتراء وليست أول فرية على ابن تيمية رحمه الله تعالى، وكل من له اطلاع على كتب ابن تيمية يعلم أنه يقول بمشروعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم واستحبابها إذا لم يقترن بها شيء من المخالفات والبدع، مثل شد الرحل والسفر إليها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:" لا تشد الرحل إلا إلى ثلاثة مساجد".
والمستثنى منه ليس هو المساجد فقط كما يظن كثيرون بل هو كل مكان يقصد للتقرب إلى الله فيه سواء كان مسجدا أو قبرا او غير ذلك، بدليل ما رواه أبو هريرة قال:" في حديث له":" فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من الطور، فقال لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد" الحديث أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح.
فهذا دليل على أن الصحابة فهموا الحديث على عمومه، ويؤيده أنه لم ينقل عن أحد منهم أنه شد الرحل لزيارة قبر ما، فهم سلف ابن تيمية في هذه المسألة، فمن طعن فيه فإنما يطعن في السلف الصالح رضي الله عنهم[32].
ولم يكتف الغلاة بمثل تلك الفرية فحسب على شيخ الإسلام، بل شنعوا عليه غاية التشنيع وتحاملوا عليه غاية التحامل فرأيت أن أذكر هنا بعض أوجه هذا التحامل ثم دافع تلاميذ الشيخ عنه بما عرفوه من عقيدة شيخهم، ورأى شيخ الإسلام فيما نسب إليه، وذلك نصرة للحق وأهله، وحتى لا يحرم العامة من الاستفادة من هذا العالم الرباني لا سيما وأن جل كتاباته كانت في العقيدة.
علما بأن كتب المتحاملين عليه القدامى مازالت إلى الآن تطبع وتنشر بالإضافة إلى المتحاملين الجدد[33].
فمن أقوال المتحاملين عليه رحمه الله:
1-قول السبكي:" ضمنت هذا الكتاب الرد على من زعم أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة وأن السفر إليها بدعة غير مشروعة، وهذه المالة أظهر فسادا من أن يرد عليها العلماء... إلى أن قال:" وكننت سميت هذا الكتاب" شن الغارة على من أنكر سفر الزيارة"[34].
2-قول ابن حجر الهيتمي بعد أن نقل الإجماع على مشروعية الزيارة والسفر إليها قال:" فإن قلت كيف تحكي الإجماع السابق على مشروعية الزيارة والسفر إليها وطلبها وابن تيمة من متأخري الحنابلة منكر لمشروعية ذلك كله كما رآه السبكي في خطة وأطال أعني ابن تيمية في الاستدلال بما تمجه الأسماء وتنفر عنه الطباع، بل زعم حرمة السفر إليها إجماعا وأنه لا تقصر فيه الصلاة وأن جميع الأحاديث الواردة فيها موضوعة وتبعه من تأخر عنه من أهل مذهبه؟
قلت-أي ابن حجر الهيتمي- من هو ابن تيمية حتى ينظر إليه أو يعول في شيء من أمور الدين عليه وهل هو إلا كما قال جماعة من الأئمة الذين تعقبوا كلماته الفاسدة وحججه الكاسدة حتى أظهروا عوار سقطاته وقبائح أوهامه وغلطاته كالعز بن جماعة:" عبد أضله الله وأغواه وألبسه رداء الخزي وأرداه وبوأه من قوة الافتراء والكذب ما أعقبه الهوان وأوجب له الحرمان..."[35].
فانتدب بعض تلامذة شيخ الإسلام الذين عرفوا مذهب شيخهم في هذه المسألة وغيرها فأبرأوا ذمتهم بقول الحق الذي يعرفونه، ومن هؤلاء ابن كثير المفسر والمؤرخ المشهور حيث يقول:" دخل القاضي جمال الدين بن جملة وناصر الدين مشد الأوقاف، وسألاه-يعني ابن تيمية- عن مضمون قوله في مسألة الزيارة، فكتب ذلك في درج وكتب تحته قاضي الشافعية بدمشق: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب على خط ابن تيمية إلى أن قال:" وإنما المحز جعله زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم معصية بالإجماع مقطوعا بها"، فانظر الآن هذا التحريف على شيخ الإسلام، فإن جوابه على هذه المسألة ليس فيه منع زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وإنما ذكر قولين في شد الرحل والسفر إلى مجرد زيارة القبور، وزيارة القبور من غير شد رحل إليها مسألة، وشد الرحل لمجرد الزيارة مسألة أخرى، والشيخ لم يمنع الزيارة الخالية عند شد رحل، بل يستحبها ويندب إليها، وكتبه ومناسكه تشهد بذلك، ولم يتعرض إلى هذه الزيارة في هذا الوجه في الفتيا، ولا قال إنها معصية، حكى الإجماع على المنع منها ولا هو جاهل قول الرسول:" زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة" والله سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء ولا يخفى عليه خافية، { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}[36].
وقال ابن عبد الهادي في مقدمة الصارم المنكي:" قبل الشروع في الكلام مع هذا المعترض-يعني السبكي الكبير- أن شيخ الإسلام رحمه الله لم يحرم زيارة القبور على الوجه المشروع في شيء من كتبه ولم ينه عنه ولم يكرهها بل استحبها وحض عليها ومناسكه ومصنفاته طافحة بذكر استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وسائر القبور"[37].
رأي شيخ الإسلام فيما نسب إليه:
 لم يكن شيخ الإسلام رحمه الله يأبه لمثل تلك التشنيعات التي رمي بها لولا أن بعض أصحابه أرسل إليه جزءا صنفه بعض القضاة في مسألة السفر إلى غير المساجد الثلاثة وأقسم عليه بالله أن يكتب ردا ليظهر جهل هؤلاء الذين يتكلمون في الدين بغير علم[38].
قال شيخ الإسلام:" قال المعترض:" أما بعد فإن العبد لما وقف على الكلام المنسوب لابن تيمية المنقول عن نسخة فتياه ظهر لي-من صريح ذلك القول وفحواه-مقصده السيد ومغزاه، وهو تحريم زيارة قبور الأنبياء وسائل القبور إليها ودعواه أن ذلك معصية محرمة مجمع عليها".
فيقال: هذا الكلام مع قتله فيه من الكذب الباطل والافتراء ما يلحق صاحبه بالكذابين المردودي الشهادة، أو الجهال البالغين في نقص الفهم والبلادة، وكان ينبغي أن يحكي لفظ المجيب بعينه ويبين ما فيه من الفساد وإن ذكر معناه فليسلك سبيل الهدى والسداد، فأما أن يذكر عنه ما ليس فيهولا يذكر ما فيه فهذا خروج عن الصدق والعدل إلى الكذب والظلم.
وذلك أن الجواب ليس في تحريم زيارة القبور ألبتة،  لا قبور الأنبياء والصالحين، ولا غيرهم، ولا كان السؤال عن هذا وإنما فيه الجواب عن السفر إلى القبور وذكر قولي العلماء في ذلك.
والمجيب قد عرفت كتبه وفتاويه مشحونة باستحباب زيارة القبور وفي جميع مناسكه يذكر استحباب زيارة قبور أهل البقيع وشهداء أحد ويذكر زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل مسجده والأدب في ذلك وما قاله العلماء، وفي نفس الجواب قد ذكر ذلك ولم يذكر قط أن زيارة القبور معصية ولا حكاه عن أحد بل كن يعتقد حين كتب هذا الجواب أن زيارة القبور مستحبة بالإجماع ثم رأى بعد ذلك فيها نزاعا هو نزع مرجوح والصحيح أنها مستحبة"[39]، إلى أن قال رحمه الله تعالى:" والمقصود هنا أن ما حكاه عن المجيب أن يحرم زيارة قبور الأنبياء، وزيارة القبور كذب بين على المجيب ليس في الجواب وإنما فيه السفر خاصة، وكلام المجيب فيما لا يحصيه إلا الله يبين كذب النقل وأنه يستحب زيارة قبور المؤمنين عموما فضلا عن الصالحين والأنبياء.
وبل نفس السفر الذي ذكر فيه قولين لم يذكر أنه يختار أحد القولين بل ذكر حجة هؤلاء فكيف يجوز أن يحكى عنه أنه حرم زيارة قبور الأنبياء والصالحين وسائر لقبور وأنه ادعى أن ذلك معصية محرمة مجمع عليها؟
قم من المعلوم لكل من قرأ شيئا من العلم ما في كتب العلماء من إباحة زيارة القبور للرجال أو استحباب ذلك وذكر النزاع في زيارتها للنساء، هذا موجود في الكتب الصغار والكبار وقد قرأه المجيب وقرئ عليه مرات لا يحصيها إلا الله وليس هذا مما يخفى على آحاد الطلبة الذين يحضرون عنده.
فكيف يحكي إجماع المسلمين على أن زيارة قبور الأنبياء وسائر القبور معصية محرمة؟ ولو كان لهذا القاضي نوع عقل وحكي له ذلك عن آحاد الطلبة لم يصدقه وقال: هل في الإسلام ن ينتسب إلى أدنى علم يقول إن زيارة القبور معصية محرمة مجمع عليها؟
فهل في الإسلام شخص يحكي الإجماع على تحريم زيارة القبور مطلقا؟ وإذا كان هذا ما يعلم انتفاؤه عن جميع المسلمين كان انتفاؤه عن المجيب أولى[40].
ثم ذكر رحمه الله نص السؤال والجواب فليراجع.

الهوامش:
[1] شفاء السقام (2/14).
[2] الجوهر المنظم في زيارة القبر الشريف النبوي المكرم (9).
[3] سنن الدارقطني (2/278)
[4] شعب الإيمان (3/490).
[5] انظر: مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة لابن حجر العسقلاني (1/481).
[6] ابن أبي حاتم: الجرح والتعديل (8/166).
[7] العقيلي: الضعفاء (4/170).
[8] ابن عبد الهادي: الصارم المنكي في الرد على السبكي (32).
[9] لسان الميزان (6/134).
[10] شفاء السقام (8).
[11] هنا محذوف تقديره: شيئا.
[12] لسان الميزان (6/135).
[13] الدولابي: الكنى والأسماء (2/64).
[14] لسان الميزان (6/135).
[15] البخاري: التاريخ الصغير (452).
[16] النسائي: الضعفاء والمتروكون (140).
[17] ابن حبان: كتاب المجروحين (2/7).
[18] البيهقي: شعب الإيمان (3/490).
[19] النووي: المجموع شرح المهذب (8/272).
[20] الصارم المكني في الرد على السبكي لابن عبد الهادي (30).
[21] ابن حجر، مختصر زوائد البزار (1/481).
[22] العقيلي: الضعفاء (2/233).
[23] المجروحين (2/37).س
[24] تقريب التهذيب (1/400).
[25] ابن عبد الهادي: الصارم المنكي (56).
[26] البخاري: كتاب العلم، باب الحرص على الحديث (1/193)، مع الفتح.
[27] رواه مسلم، رقم: (384).
[28] مسلم: كتاب الجنائز (7/46) مع النووي.
[29] البخاري: الصوم، باب صوم يوم النحر (4/240-241) مع الفتح، مسلم: كتاب الحج، (9/105-106) مع النووي.
[30] انظر تفاصيل أكثر حول هذا الحديث: الرد على الأختاني لابن تيمية (43).
[31] الصارم المنكي (27).
[32] السلسلة الضعيفة (1/64).
[33] النبهاني في كتابه المسمى شواهد الحق، والكوثري في مقالاته، وعبد الله الصديق الغمار في كتابه المسمى الرد المحكم المتين، وغيرهم.
[34] شفاء السقام (2).
[35] الهيتمي: الجوهر المنظم (13).
[36] البداية والنهاية (14/129).
[37] الصارم المنكي (24).
[38] انظر ابن تيمية الدر على الأخنائي (8-10).
[39] الرد على الأخنائي (16-17).
[40] المرجع السابق (33-34).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأن من زار قبره وجبت له شفاعته doc
اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بأن من زار قبره وجبت له شفاعته pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى