الرد على حديث الغلاة " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين"

الرد على حديث الغلاة " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين"





الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فالرد على حديث الغلاة " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين"
[1]
، يقول ابن عربي في تعليقهِ على ما أورد:" يريدُ على علمِ بذلك فأخبره بمرتبته وهو روحُ قبل إيجادِ الأجسامِ الإنسانيةِ".
ومثل ذلك قوله:" إنه لما خلقَ اللهُ الأرواحَ المحصورةَ المدبرةَ للأجسامِ بالزمانِ عند وجود حركةُ الفلكِ، لتعيينُ المدةُ المعلومةُ عند اللهِ، وكان عند أول خلقَ الزمانُ بحركته خلقُ الروحُ المدبرةِ[2] روح محمد صلى اللهُ عليه وسلم، ثم صدرتَ الأرواحُ عند الحركات فكان له وجود في عالمِ دون عالم الشهادةِ وأعلمه اللهُ بنوته، وبشره بها وآدم لم يكن إلا كما قال :"بين الماءِ والطينِ"، وانتهى الزمانُ بالاسمِ الباطنِ في حقِ محمدُ صلى اللهُ عليه وسلم إلى وجودِ اسمهِ وارتباط الروحُ به انتقلَ حكمُ الزمانِ في جريانهِ إلى الاسمِ الظاهرِ فظهرَ محمدُ صلى اللهُ عليه وسلم بذاتهِ جسماً وروحاً"[3].
هذا الحديثُ الذي ذكره ابنُ عربي ولم يذكرَ له إسناداً قالَ فيه ابنُ تيمية:" يروي كثيرُ من الجهالِ والاتحادية[4]، وغيرهم من أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال:" كنت نبياَ وآدمَ بين الماءِ والطينِ" فهذا مما لا أصل له من نقلِ ولا عقل، فإن أحدا من المحدثين لم يذكره، ومعناه باطل: فإن آدمَ عليه السلام لم يكن بين الماءِ والطينِ قط، فإن الطينَ ماءُ وترابُ، وإنما كان بين الروحِ والجسدِ، ثم هؤلاء الضلالُ يتوهمون أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم كان حينئذ موجوداً، وأن ذاته خلقتَ قبل الذواتِ، ويستشهدون على ذلكِ باحاديثِ مفتراة"[5].
ومن جملة هذه الأحاديثُ المفتراةِ الحديثِ المنسوبِ إلى جابرِ رضي اللهُ عنه:" إن اللهَ خلقَ قبل الأشياءِ نورُ نبيك من نورهِ...".
يقول شارحُ أنموذج اللبيب في خصائصِ الحبيبِ:" ومعنى كونه صلى اللهُ عليه وسلم:" أولهم خلقاَ" أنه جعله حقيقةَ تقصرُ عقولنا عن معرفتها، وأفاض عليه النبوةُ من ذلكِ الوقتِ، إلى قولهِ: وشاهد ذلك حديثُ عبد الرزاق بسنده عن جابرِ:" أن اللهَ خلقَ قبل الأشياءِ نبيك من نورهِ..."[6].
 
الهوامش:

[1]الفتوحات المكية (1/134-135)، دار صادر.

[2]وهذه الروح تسمى عند الفلاسفة القدماء بالعقل الأول الذي صدر عن الله تعالى بزعمهم عن طريق نظرية فيض الموجودات عن الواحد، ثم صدرت عن هذا العقل بقية الموجودات.

[3]المرجع السابق (1/143).

[4]الذين قالوا باتحاد ذات العبد بذات الرب تعالى فتصير ذاتا واحدة، انظر: الجرجاني: التعريفات (8-9)، د. الحفني: معجم مصطلحات الصوفية (9).

[5] الرد على البكري (8-9).

[6]محمد عبد الباري الأهدل: فتح الكريم القريب (19).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
الرد على حديث الغلاة " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين".doc doc
الرد على حديث الغلاة " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين".pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى