الحمد لله والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ثم أما بعد؛ فبعد أن وصل القوم إلى مرحلة دعوى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما والتلقي منه، سنحت لهم الفرصة لتغيير معالم الدين بإحداث ما ليس منه، بعد أن كان الباب موصدا أمامهم بالسؤال عن الدليل ومن أي كتب السنة أخذ؟ وهل هو صحيح أم ضعيف؟ فشرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، بل شرع بعضهم دينا جديدا له واجباته ومحرماته وشروطه ومبطلاته...الخ كما سيأتي بيانه.
قال عمر الفوتي:" ولما أذن له صلى الله عليه وسلم-أي لأحمد التجاني- في هذه الطريقة الأحمدية والسيرة المصطفوية النبوية وفتح الله تعالى على يديه صلى الله عليه وسلم وأخبره أنه مربيه وكافله وأنه لا يصل شيء من الله إليه إلا على يديه وبواسطته صلى الله عليه وسلم وقال له: لا منة لمخلوق عليك من أشياخ الطريق، فأنا واسطتك ومددك على التحقيق، فاترك عنك جميع ما أخذت من جميع الطرق، وقال له الزم هذه الطريقة من غير خلوة ولا اعتزال عن الناس حتى تصل إلى مقامك الذي وعدت به وأنت على حالك من غير ضيق ولا حرج ولا كثرة مجاهدة واترك عنك جميع الأولياء"[1].
فمن تلك الأوراد التي أملاها الرسول صلى الله عليه وسلم لأحمد التجاني كما زعموا صلاة جوهرة الكمال، التي جاء في فضلها ما يلي:
قال محمد سعد الرباطابي:" وأما جوهرة الكمال فهي من إملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا الشيخ رضي الله عنه يقظة لا مناما، فمن فضلها أن المرة الواحدة منها تعدل تسبيح العالم ثلاث مرات بشرط الطهارة المائية، وأن من لازمها كل يوم سبع مرات يحبه النبي صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة يحضرون مع الذاكر عند السابعة منها ولا يفارقونه حتى يفرغ من ذكرها"[2].
وقال محمد السيد التجاني في فضل ذكرها:" يحضر الرسول صلى الله عليه وسلم مع الخلفاء الأربعة والشيخ-يعني أحمد التجاني- مع عدد عظيم من الملائكة في الوظيفة[3] السابعة من الجوهرة إلى الاختتام ويشفع في جميع الحاضرين شفاعة خاصة تلحقهم وتلحق السابع من أولاده ولو لم يكن فقيرا[4] إن حضرها بمحبة في الذكر وأهله، ولو لم يعرف خاصيتها، بل يحضر النبي صلى الله عليه وسلم لكل من قرأها في غير الوظيفة حتى يختم، ولو سار عمره ما فارقه صلى الله عليه وسلم صاحبا[5] أو فقيرا أو تلميذا، وهذا أغرب من كل غريب تفضل به الحق سبحانه على أهل هذه الطريقة لا غير، فمن لم يؤذن له فيها فلا ثواب لخاصيتها له"[6].
-ومن تلك الأوراد، وما جاء في فضل دعاء السيفي ودعاء يا من أظهر الجميل: يقول علي حازم عن أحمد التجاني:" ففي المرة الواحدة منه ثواب صوم رمضان وقيام ليلة القدر وعبادة سنة وسورة القدر مثله كما أخبرنا سيدنا رضي الله عنه عن سيد الوجود صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: وأعظم من السيفي دعاء يا من أظهر الجميل... إلخ قال الراوي: جاء به جبريل إلى النبي صلى اله عليه وسلم وقال له أتيتك بهدية، قال: وما تلك الهدية؟ فذكر هذا الدعاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما ثواب من قرأ هذا الدعاء؟ فقال جبريل: لو اجتمعت ملائكة سبع سموات على أن يصفوه ما وصفوه إلى يوم القيامة وكل واحد يصف ما لا يصفه الآخر فلا يقدرون عليه، ومن جملة ذلك أن الله يقول فيه: أعطيه من الثواب بعدد ما خلقت في سبع سموات وفي الجنة والنار وفي العرش والكرسي وعدد القطر والمطر والبحار وعدد الحصى والرمل، ومن جملتها أن الله تعالى يعطيه ثواب جميع الخلائق، ومن جملتها أن الله يعطيه ثواب سبعين نبيا كلهم بلغ الرسالة"[7].
ومن تلك المبالغات ما ذكروه في خاصية صلاة الفاتح لما أغلق:
يقول علي حرازم نقلا عن شيخه:" وخاصية صلاة الفاتح لما أغلق أمر إلهي لا مدخل للعقول فيه، فلو قدرت مائة ألف أمة كل أمة ألف قبيلة في كل قبيلة مائة ألف رجل وعاش كل منهم مائة ألف عام، يذكر كل واحد منهم في كل يوم ألف صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من غير صلاة الفاتح لما أغلق وجميع ثواب هذه الأمم كلها في هذه السنين كلها في الأذكار كلها ما لحقوا كلهم ثواب واحدة من صلاة الفاتح لما أغلق"[8].
ولم يقتصر أحمد التجاني على هذه الدعاوى، بل تطاول ليصل إلى القرآن الكريم كتاب الله تعالى، منتقصا له في مقابل الدعوة والترغيب في أوراده وأذكاره الموضوعة.
يقول التجاني عن فضل صلاة الفاتح لما أغلق:" لما أمرني صلى الله عليه وسلم بالرجوع إليها سأتله عن فضلها؟ فأخبرني أن المرة الواحدة منها تعدل من القرآن ست مرات، ثم أخبرني ثانيا أن المرة الواحدة منها تعدل من كل تسبيح وقع في الكون ومن كل ذكر ومن كل دعاء كبير أو صغير ومن القرآن ستة آلاف مرة"[9].
فالناظر في أذكار التجانية تلك وفضلها يلزمهم بواحد من الأمور التالية:
-إما أن يقولوا بخيانة الرسول صلى الله عليه وسلم للأمانة وعدم تبليغه للرسالة لإخفائه هذه الأذكار وهذا الفضل العظيم الذي يسع ثواب الخلق أجمعين بما فيهم الأنبياء والمرسلين عن أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين الذين ماتوا ولم يدركوا ما أدركه التجانيون من الفضل، فإن قالوا بهذا فقد كفروا بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وذلك للقدح في علم الله الذي خفي عليه ما أخفاه الرسول صلى الله عليه وسلم ولإثبات الخيانة لرسوله صلى الله عليه وسلم وإنما هذه الأذكار وهذا الفضل لم يكن يعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم وقت حياته وإنما أوحاه الله له بعد وفاته، وعلى هذا أيضا يلزمهم أحد أمرين:
-إما أن يقولوا إن هذه الأذكار من جملة شرائع الإسلام أو أنها من غير شرائع الإسلام، فإن قالوا إنها من جملة شرائع الإسلام نقول لهم لقد كذبتهم الله تعالى الذي أخبر عن إكمال شرائع دينه وإتمام النعم علينا بذلك، قال تعالى:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}، وتكذيب الله كفر به، إذ يخبر تعالى عن إكمال الدين ثم يزعم التجانيون أن تلك الأذكار أمور إلهية جاء بها جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وأنها من جملة شرائع الإسلام، فإن فروا من هذا طوق عنقهم الإلزام الآخر وهو أن يقولوا: إنها من غير شريعة الإسلام وإنها دين آخر غير دين الإسلام، فإن قالوا بهذا فلنا معهم طرق أخرى منها الدعوة إلى الإسلام أو أخذ الجزية عن يد وهم صاغرون.
وإلى القول بأن الطريقة التجانية دين جديد ذهب الشيح طاهر ميغري البرناوي وهو أحد مشايخ الطريقة التجانية السابقين الذين تجردوا في مراتها إلى أن وصل إلى أعلى هذه المراتب وهي رتبة خليفة للشيخ أحمد التجاني.
يحدثنا الشيخ طاهر في مقدمة كتابه:" الطريقة التيجانية دين جديد هدام لعقيدة الإسلام وشريعته"[10] عن تجربته مع الطريقة التجانية قائلا:" ينبغي أن يعرف القارئ لكتابي هذا أنني كنت تجانيا شديد الإيمان بعقائد الطريقة التجانية، والتمسك بمبادئها والاعتقاد في مؤسسها الشيخ التجاني وجيع شيوخها ولا سيما الشيخ إبراهيم إيناس السنغالي، بل كنت من علماء الطريقة التجانية المتعصبين لها، المدافعين عن حوزتها، الذين يعرفونها ظاهرا وباطنا علما وذوقا، من القائمين بامتحان المريدين الذين أسلكوا في تربيتها الباطنة، وتوجيههم فيها إلى أن يصلوا إلى اعتقاد وحدة الوجود الذين يعبرون عنه بالفناء أو الوصول أو الفتح وهلم جرا، فقد وصل على يدي من المريدين إلى اعتقاد هذه الطريقة الخبيثة-غفرانك اللهم- حتى وصلت في الطريقة التجانية إلى أعز مقام يتمنى أن يصل إليه المريد التجاني وهو الحصول على الإذن المطلق الذي يجعله خليفة للشيخ التجاني، ثم أنقذني الله سبحانه وتعالى من قبضة الزندقة والإلحاد بغير علم وأخرجني من ظلمات الجهل والبدع والخرافات والإشراك بالله في عبادته، ورفع عن عنقي نير عبودية الأعلاج والخضوع لحكم الطواغيت، فرفضت الطريقة التجانية رفض السقب غرسه والرأل تريكته، ولو خطر بخلدي قبل ذلك أنني سوف أنسلخ من الطريقة التجانية لعذت بالله من ذلك الخاطر وقطعت أنه من خواطر الشياطين...إلى قوله: من أجل ذلك عزمت على أن أكتب بكثرة لأنبه إخواني المسلمين المخلصين على الخطر الكامن في الطريقة التجانية على عقيدة الإسلام وشرعيته، ليحاربوها بكل ما يستطيعون من قوة حتى يخرجها من أوساطهم"[11].
ومما يؤيد ما ذهب إليه الشيخ طاهر ميغري من أن التجانية دين جديد أمور منها:
1- إن كل من رأى أحمد التيجاني فهو من الآمنين إن مات على الإيمان، وكل من أحسن إليه بخدمة أو أطعمه طعاما يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب[12].
وهذا الفضل الذي حصل لأحمد التجاني لم يحصل لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
2-أن كل من أخذ ذكرا من حمد التجاني فهو مغفور له وتؤدى تبعاته من خزائن فضل الله [13].
3-إن اتباع التجاني كلهم معه في عليين مع الضمان[14].
4- إن من قرأ بعض أرواد التجانية له ثواب سبعين نبا كلهم بلغ الرسالة[15].
5- إن بعض أوراد التجانية أفضل من القرآن آلاف المرات[16].
6- إن لأورادهم شروطا ومبطلات منها:
-حكم أورادها اللازمة الوجوب العيني على كل من التزمها كالنذر فتصير فرضا عينا يجب الوفاء به[17].
-من شك هل نقص في ورده أو زاد فيه فيبني على اليقين وهو الأقل ثم بعد الفراغ يستغفر الله مائة مرة بنية الجبر[18].
-يجوز للمسافر أن يقرأ أوراده على ظهر الدابة فإذا وصل إلى جوهرة الكمال نزل وذكرها ماشيا فإذا وصل إلى السابعة منها يجلس حتى يتم الوظيفة إلا لضرورة فادحة[19].
-ترك الكلام من مبتدأ الورد إلى انتهائه إلا لضرر فلا يضره الكلام كالكلمة والكلمتين لكن يشير أولا برأسه أولا أو يده[20].
-ويبطل الرود بالنقص أو الزيادة أو التنكيس عمدا، كما يبطل بالأكل والشرب[21].
7- أمور تخرج المريد عن دائرة الديانة التجانية:
-من أخذ وردا على وردهم.
-من زار الأولياء الأحياء أو الأموات من غير مشايخ الطريقة التجانية.
-من ترك الورد تركا كليا، وأما من تركه تكاسلا فلا يخرجه من الطريقة لأنه لم يتركه تركا قلبيا ولا أعرض عنه، إلا أنه عرض نفسه للمصائب وحل به الهلاك في الدنيا والآخرة[22].
8-إن من سب أحمد التجاني لا يموت إلا كافرا[23].
فواحد من هذه الأمور يكفي لإثبات أن الطريقة التجانية دين جديد، فكيف بها إذا اجتمعت، والطريقة التجانية نموذج واحد خصصته بالتناول، لانتشارها الواسع خاصة في القارة الإفريقية، ولعظم البلاء بها، ويقاس على الطريقة التجانية عشرات بل مئات الطرق الصوفية إذ إن جل مشايخها يدعي مقابلة النبي صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما والتلقي منه ولكل طريقة طقوسها وشروطها وأورادها الخاصة، ولهم من الفضل ما ليس للآخرين، قال تعالى: { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}.
الهوامش:
الهوامش:
[1] رماح حزب الرحيم (1/191).
[2] محمد سعد الرباطابي: شروط وأحكام وأوراد الطريقة التجانية (25).
[3] كيفية خاصة لقراءة الورد.
[4] أي صوفيا.
[5] أي سواء كان القارئ من أصحابهم.
[6] محمد السيد التجاني: الهداية الربانية في فقه الطريقة التجانية (12).
[7] جوهر المعاني (1/136).
[8] المصدر السابق (1/139).
[9] المصدر السابق (1/136).
[10] طبع هذا الكتاب بعنوان: التحفة السنية بتوضيح الطريقة التجانية.
[11] طاهر ميغري: التحفة السنية (6-7).
[12] جواهر المعاني (1/129).
[13] المصدر السابق (1/130).
[14] جواهر المعاني (1/131).
[15] المصدر السابق (1/136).
[16] المصدر السابق (1/136).
[17] محمد سعد الرباطابي: الدرر السنية في شروط وأحكام الطريقة التجانية (13-15).
[18] المصدر السابق.
[19] المصدر السابق.
[20] المصدر السابق.
[21] المصدر السابق (21).
[22] المصدر السابق (4).
[23] جواهر المعاني (1/133).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.