المفاسد العقدية المترتبة على اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور

المفاسد العقدية المترتبة على اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فالمفاسد العقدية المترتبة على اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور، وهذا باطلُ من وجهين:

الوجه الأول: إن في إثباتِ هذا المعنى الذي زعموهُ نفياً لبشريةِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلم التي أمرهُ اللهُ تعالى أن يعلنا في الملأِ، قالَ تعالى: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا } [الإسراء: 93]، والبشرُ مخلوقون من ترابِ لا من نورِ قالَ تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ} [الروم :20]

       وقالَ تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ } [فاطر: 11] الآية، والآياتُ كثيرةُ في هذا المعنى، فربُ العزةِ والجلالِ يخبرنا أن الرسولَ صلى اللهُ عليه وسلم وغيره من بني آدمُ عليه السلام.

       فتخصيصُ الرسولُ صلى اللهُ عليه وسلم بأنه خلقَ من نورِ يحتاجُ إلى مخصصِ، ولا مخصصُ، وأما الحديثُ المنسوبُ إلى عبدِ الرزاق فلا يجوز ُالتخصيصِ به أصلاَ، لأنه ليس حديثاَ صحيحاَ، لما سبقَ ذكرهُ.

قالَ ابنُ تيمية: والنبي صلى اللهُ عليه وسلم خلقَ مما يخلقُ منه البشرِ، ولم يخلقُ أحدُ من البشرِ من نورِ، بل قد ثبتَ في الصحيحِ عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم أنه قالَ:" إن اللهَ خلقَ الملائكةُ من نورِ، وخلقَ إبليسُ من نارِ، وخلقَ آدمُ مما وصفَ لكم" وليس تفضيل بعض المخلوقاتِ على بعضِ باعتبارِ ما خلقتَ منه فقط، بل قد يخلقُ المؤمنُ من كافرِ والكافرُ من مؤمنِ، كابنُ نوحُ منه، وكإبراهيمُ من آزرِ، وآدمُ خلقه اللهُ من طينِ، فلما سواه ونفخَ فيه من روحهِ وأسجدَ له الملائكةُ وفضلهُ عليه بتعليمهِ أسماءُ كل شيِء وبأن خلقهَ بيديهِ، وبغير ذلك[1]، فهو وصالحوا ذريته أفضل من الملائكةِ وإن كان هؤلاء مخلوقين من طينِ وهؤلاء من نورِ"[2].

       الوجه الثاني: إن الذينَ قالوا بخلقَ النبي صلى اللهُ عليه وسلم من نورِ، غفلوا عن الآيةِ من أن الرسولَ صلى اللهُ عليه وسلم بشرُ، لا قدرةُ له إلا قدرة البشرِ، وإنما يؤيدهُ اللهُ تعالى بالوحي، وبنصرهِ كيف يشاءُ ربنا ويرضى، وذلك لما طلبَ منه المشركون أموراً ليست في قدرةِ البشرِ على سبيلِ التعجيزِ، أمرهُ ربه جل وعلا أن يقولَ:{قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 93]، وإنما اللهُ وحدهُ هو  المتصرفُ في جميع الأمورِ إن شاءَ أتاكم بما سألتم عنه وإن شاءَ منعَ، وهذا دليلُ واضحُ على أن ما جاءَ به صلى اللهُ عليه وسلم من آياتِ بيناتِ، ودلائلُ واضحات ليست في قدرةِ البشرِ إنما هو أمرُ من عند اللهُ عز وجل.

 

الهوامش:

[1]أي من الفضائل

[2]مجموع الفتاوى (11/94-95).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
المفاسد العقدية المترتبة على اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور.doc doc
المفاسد العقدية المترتبة على اعتقاد أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى