اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي

اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ فهذه خطوة أخرى من خطوات الغلو فيه صلى الله عليه وسلم، فبعد أن كان يدعى ويسأل قضاء الحاجات، إلى غير ذلك، وهو صلى الله عليه وسلم في قبره، بدأ الغلاة مرحلة أخرى من مراحل الغلو فيه صلى الله عليه وسلم وهو إخراجه من قبره، وأول ذلك زعمهم خروج يده الشريفة ليقبلها أحمد الرفاعي:
قال أبو الهدى الصيادي الرفاعي:" ولما حج-يعني أحمد الرفاعي- وقف تجاه الحجرة الشريفة وأنشد:
في حالة البعد روحي كنت أرسلهاتقبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه نوبة الأشباح قد ظهرتفأمدد يمينك كي تحظى بها شفتي
قال: فخرجت إليه يده الشريفة من القبر حتى قبلها والناس ينظرون"[1].
فالناظر في هذه الحادثة المزعومة لا يشك أنها كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كذب حتى على أحمد الرفاعي نفسه وذلك من أوجه:
الأول: ثبت بهذه الحادثة المزعومة أن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لأحمد الرفاعي تفوق محبة الخلفاء الراشدين، بل تفوق محبة كل من آمن به من عصره صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا، لأن هذه الحفاوة المزعومة التي قابل بها النبي صلى الله عليه وسلم أحمد الرفاعي لم تحدث لأحد قبله أو بعده ممن آمن به وزاره بعد وفاته.
وهذا بلا شك كذب واضح وبهتان فاضح لتلك الشرذمة التي تؤلف كتب المناقب والكرامات في زعمائها لاستجلاب عاطفة العوام وضعفاء العقول نحو مشايخهم، وما يحصل لهم بذلك من الجاه العريض في الدنيا بكثرة الأتباع.
الثاني: كما لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم حال حياته أن يمد يده كي يقبلها المسلم عليه.
الثالث: ذكر تاج الدين السبكي الصوفي في ترجمة أحمد الرفاعي:" أن من فضائله رأفته على الهرة والبعوضة والجرادة الكلب"[2]، ولم يذكر شيئا عن حادثة اليد، ولو كان لها وجود لما توانى السبكي في ذكرها وقد ذكر ما هو دونها، وقد ترجم ابن خلكان للرفاعي وهو قريب العهد به، وقد ذكر أن لتباع الرفاعي أحوالا عجيبة من أكل الحيات وهي حية ودخول النار وهي متوقدة، ولم يذكر حادثة تقبيل اليد[3].
وترجم له أيضا ابن كثير ول يذكر له حادثة تقبيل اليد[4]، فعل بذلك كذب الصيادي الذي ذكر شهادة الناس على هذه الحادثة بقوله:" والناس ينظرون" فهؤلاء أصحاب كتب التراجم والتاريخ، أرتاهم غفلوا عن تدوين هذه الحادثة التي لم تحدث لأحد قبل الرفاعي؟
أم هو الكذب والبهتان حتى على مشايخهم.
قال الذهبي:" وقد كثر الزغل في أصحابه-يعني الرفاعي- وتجددت لهم احوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق، من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات وهذا لا يعرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه نعوذ بالله من الشيطان الرجيم"[5].
وقد ذكر الصيادي حادثة أخرى في مناقب شيخه الرفاع قريبة من حادثة اليد، يقول فيها: ولما حج الرفاعي عام وفاته وزار قبر النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل من الجنة بل من العرش والكرسي، أنشد قائلا:
إن قيل زرتم بما رجعتميا أشرف الرسل ما تقول
فخرج صوت من القبر سمعه كل من حضر وهو يقول:
قولوا رجعنا بكل خير واجتمع الفرع والأصول[6]
ويعلق الشيخ عبد الرحمن دمشقية على هذه الحادثة بقوله:" فالرفاعي نجده في كل مرة لا يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم إلا بالشعر، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يجيبه إلا بالشعر، لماذا لا يخاطبه بلغة القرآن من غير شعر ولا نثر ولا سجع؟
وهل نسي القوم قول الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ}، ألم يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبغض الشعر؟"[7]، [8].
وقد ذكر دمشقية في دراسته المستفيضة عن الرفاعية: أنهم زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم رؤي في الرؤيا أن شد الرحال إلى قرية الرفاعي والكعبة تسير معه وقد قال:" ها أنا والكعبة زائرون"، وجلس ينادي أهل القرى في طريقه أن يزوروا معه "الشيخ أحمد الرفاعي" ثم تبين للراوي أن الرؤيا حقيقة فقام وذهب إلى قرية الرفاعي مشاركا موكب النبي صلى الله عليه والكعبة"[9].


الهوامش:
[1] قلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الأكابر، لمحمد أبي الهدى أفندي الرفاعي، الصيادي (67-68)، وانظر البرهان المؤيد لأحمد الرفاعي-ترجمة الرفاعي لمحمد أفندي الصياد الرفاعي،  (13).
[2] طبقات الشافعية الكبرى لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي (6/23).
[3] وفيات الأعيان لابن خلكان (1/171-172).
[4] البداية والنهاية (12/333).
[5] العبر (3/75).
[6] قلادة الجواهر (104).
[7] الرفاعية: لعبد الرحمن دمشقية (44).
[8] لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يبغض الشعر على إطلاقه بدليل سماعه لشعر حسان بن ثابت رضي الله عنه.
[9] المرجع السابق (43-44).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي doc
اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم عند الغلاة بخروج يده الشريفة من القبر لمصافحة أحمد الرفاعي pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى