الاستهزاء بالدين

الاستهزاء بالدين





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فالاستهزاء بالدين هو: السخرية والاستخفاف
- بصفات الله تعالى أو أفعاله.
- أو شرائع الإسلام.
- أو آيات القرآن.
- أو سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
- الاستهزاء بعلماء الشريعة لأجل ما هم عليه من العلم الشرعي.
- الاستهانة والسخرية بأهل الصلاح من أجل استقامتهم على الديانة واتباع السنة، إنما هو استهزاء متوجه إلى الدين والسنة في حقيقة الأمر.
وهذا الاستهزاء مناقض لتعظيم الله تعالى وتأليهه، كما جاء في قوله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 64 - 66]
فقد جاء في سبب نزول هذه الآيات عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلس: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا[1] ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء، فقال رجل في المجلس: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن، قال عبد الله بن عمر: فأنا رأيته متعلقًا بحقب[2] ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تنكبه الحجارة، وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66][3]
وهذه الآية نص صريح في أن الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر، وقوله تعالى: {لَا تَعْتَذِرُوا} أي ليس لكم عذر، لأن هذا لا يدخله الخوض واللعب، وإنما تعظم هذه الأشياء وتقدر حق تقديرها.
وقد توعد الله عز وجل المستهزئين بالعذاب المهين والخلود في نار جنهم، قال تعالى في سورة الجاثية: {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الجاثية: 9، 10]
وقد ذكر الله تعالى أن الاستهزاء والسخرية بالمؤمنين سبب في دخول نار جهنم وعدم الخروج منها، فعندما ينادي أهل النار قائلين: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: 107]
فيقول الله عز وجل جوابًا عن ندائهم: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108) إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (109) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ} [المؤمنون: 108 - 110]
إن على المسلم أن يتجنب هذا الكفر الشنيع، فإن الجاد والهازل في إظهار كلمة الكفر على حد سواء، وعليه أن يعمر قلبه بتعظيم الله تعالى، وتعظيم شرائعه، وذلك بالتعرف على أسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العلا، وما يستحقه من الكمال والعظمة والجلال، كما ينبغي للمسلم أن يحفظ لسانه عن اللغو والخوض فيما يسخط الله عز وجل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم"[4]. 


الهوامش:

[1] أرغب بطونًا: أوسع بطونًا.

[2] متعلقًا بحقب: وهو الحبل الذي يشد به رحل البعير إلى بطنه.

[3] أخرجه الطبري في تفسيره.

[4] رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان، رقم الحديث: (4677).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
الاستهزاء بالدين.doc doc
الاستهزاء بالدين.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى