دعاء غير الله تعالى

دعاء غير الله تعالى





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فالدعاء من أفضل العبادات وأعظمها، وقد سمى الله تعالى الدعاء عبادة، وتوعد من تركه – استكبارًا – بدخوله جهنم ذليلًا حقيرًا، قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: " إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]"[1].

وقد أمر الله تعالى بدعائه وسؤاله وحده لا شريك له، ونهى عن دعاء غيره، قال سبحانه: {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} [الشعراء: 213] وقال صلى الله عليه وسلم: "من مات وهو يدعو من دون الله ندًا دخل النار"[2].

فإذا علمت أن الدعاء عبادة يجب صرفها لله وحده، فإن من دعاء أو استغاث بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فقد كفر وخرج من الملة، سواء كان هذا الغير نبيًا أم وليًا أم ملكًا أم جنيًا، أم غير ذلك من المخلوقات.

دعاء الله وحده إيمان وتوحيد، ودعاء غيره كفر وشرك، فمن استغاث بغير الله – كمن يطلب حوائجه من الموتى – فقد اتخذ مع الله ندًا، وقد قال الله تعالى في وصف هؤلاء في كتابه الكريم: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ} [الزمر: 8]

ولقد سمى الله تعالى دعاء غيره شركًا، كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 13، 14]

والعجب من ذي عقل سليم يستغيث بالأموات، ويدعو أرباب القبور، ولا يستغيث بالحي الذي لا يموت، ولا يدعو من بيده النفع والضر سبحانه وتعالى، فعلى المسلم أن لا يسأل إلا الله وحده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله"[3].

فإن الدعاء يجمع أنواعًا من العبادات:

-            كالرغبة إلى الله تعالى وحده.

-            والخضوع له.

-            والتوكل عليه.

-            والتعلق به وحده.

-            والتذلل والافتقار إليه.

كما أن في التضرع إلى الله تعالى من حلاوة الأنس بالله تعالى ولذة المناجاة ما لا يمكن التعبير عنه. 


الهوامش:

[1] رواه أحمد في مسنده، حديث النعمان بن بشير، رقم الحديث: (18352).

[2] رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا}، رقم الحديث: (4497)

[3] رواه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن العباس، رقم الحديث: (2669).

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى