الشرك وأقسامه

الشرك وأقسامه





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فإن تعريف الشرك الأكبر بإيجاز: أن يجعل العبد لله شريكًا في ربوبيته وأسمائه وصفاته وإلهيته، وعند التفصيل فالشرك الأكبر في الربوبية مثل:

o   أن يعتقد أن النفع والضر، أو الخلق أو الرزق لغير الله تعالى.

o   أو يصف مخلوقًا بصفات الله تعالى المختصة به سبحانه، كعلم الغيب أو التصرف في الكون وتدبيره.

قال عز وجل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} [النمل: 65]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الجن: 20 - 22]

ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما: "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك"[1].

وأما الشرك الأكبر في الإلهية: فهو أن يصرف الشخص عبادة من العبادات لغير الله تعالى، فكل ما ثبت بالأدلة أنه عبادة، فصرفه لله وحده إخلاص وتوحيد، وصرفه لغيره شرك وتنديد، والدليل من القرآن الكريم: {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [سورة الأنعام: 88]

الشرك الأصغر:

وتعريفه: هو كل ما نهى عنه الشرع، وسماه شركًا مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر، ووسيلة للوقوع فيه.

مثال: الرياء، وهو أن يؤدي العبادة من أجل مدح الناس وثنائهم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي» قال: قلنا: بلى، قال: " الشرك الخفي: أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل"[2]، وقال صلى الله عليه وسلم: " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر» قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: " الرياء"[3].

الشرك أعظم الذنوب عند الله تعالى، وأشنعها على الإطلاق، كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ قال صلى الله عليه وسلم: "أن تجعل لله ندًا وهو خلقك"[4]، والند هو: الشريك.

والشرك هو الذنب الوحيد الذي لا يغفره الله تعالى إلا بالتوبة منه، والدليل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116]

والشرك لا يغفره الله تعالى إلا بالتوبة منه، لتضمنه القدح في رب العالمين، ووحدانيته وتسوية المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا بمن هو مالك النفع والضرالذي ما من نعمة إلا منه، ولا يدفع النقم إلا هو، فلا أفظع ولا أبشع ممن سوى المخلوق الناقص الفقير، بالرب الخالق الكامل الغني، وسوى من لا يستطيع أن ينعم بمثقال ذرة من النعم، بالذي ما بالخلق من نعمة في دينهم، ودنياهم، وقلوبهم، وابدانهم إلا منه، ولا يصرف السوء إلا هو سبحانه.

والشرك يوجب الخلود في نار جهنم، والحرمان من دخول الجنة، لقوله: {وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأنعام: 128]، وقال تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27].


الهوامش:

[1] رواه أحمد في مسنده، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، رقم الحديث: (2669).

[2] رواه أحمد في مسنده، مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، رقم الحديث: (11252).

[3] رواه أحمد في مسنده،، أحاديث رجال من أصحاب النبي، حديث محمود بن لبيد، رقم الحديث: (23630).

[4][4] رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}، رقم الحديث: (4477).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
الشرك وأقسامه.doc doc
الشرك وأقسامه.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى