الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛..
الصورة الأولى:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، ثُمَّ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسُ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ، وَلا يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟
فَيَقُولُ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ لَهُ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلائِكَةَ، فَسَجَدُوا لَكَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ لَهُمْ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ، فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ.
فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ قَالَ: فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ.
فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِيُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ كَذَبْتُ ثَلاثَ كَذِبَاتٍ - فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ - نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى.
فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ بِرِسَالاتِهِ وَبِكَلامِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، إِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُؤْمَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى.
فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ، اشْفَعْ لَنَا، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ.
فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ، وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ.
فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، وَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى))([1]).
الصورة الثانية:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم: {رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاس ...} الآية، وقول عيسى عليه السلام: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، فرفع يديه وقال: ((اللهمَّ أُمَّتي أُمَّتي)) وبكى، فقال الله عز وجل: ((يا جبريل، اذهبْ إلى محمدٍ وربُّك أعلم، فسَلْه ما يبكيكَ؟))، فأتاه جبريلُ عليه السلام فسأله؛ فأخبره رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم، فقال الله: ((يا جبريل، اذهبْ إلى محمدٍ فقُلْ: إنَّا سَنُرْضِيكَ في أُمَّتِك ولا نَسُوءك))([2]).
الصورة الثالثة:
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لِكُلِّ نَبيٍّ دعوةٌ مستجابةٌ يدعو بها، وأُرِيدُ أَن أَخْتَبِئ دعوتي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي في الآخِرَةِ))([3]).
الصورة الرابعة:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما – قال: خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ: ((عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَرَجَوْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ، ثُمَّ قِيلَ لِي: انْظُرْ، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَقِيلَ لِي: انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الْأُفُقَ، فَقِيلَ: هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ)).
فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلَاءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا؛ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((هُمُ الَّذِينَ لَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ))، فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((نَعَمْ))، فَقَامَ آخَرُ، فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَ: ((سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ))([4]).
الصورة الخامسة:
كان أبو ذر رضي الله عنه يُحَدِّثُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فُرِجَ عَنْ سَقْفِ بَيْتي وَأنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلىءٍ حِكْمَةً وإيمَانًا، فأفْرَغَهُ في صَدْرِي، ثُمَّ أطْبَقَهُ، ثُمَّ أخَذَ بِيَدِي، فَعرَجَ بِي إلى السَّمَاءِ الدُّنيا، فَلَمَّا جِئْتُ إلى السَّمَاءِ الدُّنيا قَالَ جِبْرِيلُ لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ مَعِي مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، فقَالَ: أرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَم.
فلمَّا فَتَحَ عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنيا، فإِذَا رَجُلٌ قَاعِد عَلَى يَمِنيهِ أسْوِدَة، وعَلَى يسَارِهِ أسْوِدَة، إِذَا نَظرَ قِبَلَ يَمِينهِ ضَحِكَ، وِإذَا نَظرَ قِبَل يَسارِهِ بَكَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بالنبي الصَّالِحِ والْابنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ لِجِبْرِيْلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأسْوِدَةُ عَنْ يَمِينهِ وشَمَالِهِ نَسَمُ بَنِيْهِ فَأهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أهْلُ الْجَنَّةِ، والأسْوِدَةُ التي عَنْ شِمَالِهِ أهْلُ النِّارِ، فَإِذَا نَظرَ عَنْ يَمِينهِ ضَحِكَ، وِإذَا نَظر قِبَلَ شِمَالِهِ بكَى.
حَتَّى عَرَجَ بِي إلى السَّمَاءِ الثَّانِيَة، فَقَالَ لخَازِنِهَا: افْتَحْ! فَقَالَ لَهُ خَازِنُهَا مِثْلَ مَا قَالَ الْأوَّلُ، فَفَتَحَ، قَالَ أنَسٌ: فذكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ في السَّمَواتِ آدَمَ وِإدْرِيسَ وَمُوسَى وَعِيسَى وِإبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلَهُمْ، غَيْرَ أنَّهُ ذَكَرَ أنَّهُ وَجَدَ آدَمَ في السَّمَاءِ الدُّنيا، وإبْراهِيمَ في السَّمَاءِ السَّادِسَةِ.
قَالَ أنسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْريل بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بإِدْرِيسَ قَالَ: مَرْحَبًا بالنَّبِيِّ الصَّالِح وَالأخِ الصَّالِحِ، فقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحُ وَالأخُ الصَّالِحُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى، فَقَالَ: مَرْحَبًا بالأَخِ الصَّالِح وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا عِيسَى، ثُمَّ مَرَرْتُ بإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بالنَّبِيِّ الصَّالِحِ والابنِ الصَّالِحِ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْراهِيم صلى الله عليه وسلم.
قَالَ ابْن شِهابِ: فأخبَرَنِي ابْنُ حَزْم أنَّ ابْن عَبَّاسٍ وَأبَا حَبَّةَ الأنْصَارِي كَانَا يَقُولانَ: قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ثُمَّ عُرِجَ بي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوَىً أسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأقْلَام.
قَالَ ابْنُ حَزْم وَأَنَسٌ: قَال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: فَفَرَضَ اللهُ عز وجل عَلَى أُمَّتِيَ خَمْسِينَ صَلَاةٍ، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللهُ عَلَى أمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً، قَالَ: فَارْجِعْ إلى رَبِّكَ فَإِنَّ أمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُ فوَضَعَ شَطرهَا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، قُلْتُ: وَضع شَطرهَا، فَقَالَ: راجِع رَبَّكَ فَإِنَّ أمَّتَكَ لَا تُطيقُ، فَرَاجَعْتُ، فَوَضَعَ شَطرهَا، فَرَجَعْتُ إليْهِ فَقَالَ: ارجِعْ إلى رَبِّكَ فإنَّ أمَتّك لا تُطيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وهيَ خَمْسُونَ لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ.
فَرَجَعْتُ إلَى مُوسَى فقَالَ: رَاجِع رَبَّكَ، فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، ثُمَّ انْطَلَقَ بي حَتَّى انتهَى بِي إلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهي وغَشِيَهَا ألْوَانٌ لا أدرِي ما هِيَ، ثُمَّ أدْخِلْتُ الجَنَّةَ فَإِذَا فيها حبَائلُ اللؤلُؤِ وِإذَا تُرابُهَا المِسْكُ))([5]).
الصورة السادسة:
عن ابن مسعود أن رجلًا أصاب من امرأة قُبلة، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله عز وجل: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}، فقال الرجل: يا رسول الله أَلي هذا؟ قال: ((لجميعِ أُمَّتِي كلهم))([6]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.