الدلائل على توحيد الربوبية: إجماع الأمم

الدلائل على توحيد الربوبية: إجماع الأمم





الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ثم أما بعد؛
من الأدلة الدالة على وجود الخالق جل وعلا ووجوب عبادته وتوحيده إجماع الأمم قاطبة سابقها ولاحقها على وجود الله سبحانه وتعالى سواء قولًا أو فعلًا أو عملًا، ولذا لو طفت الأرض لوجدت أن كلمة الله وكلمة الرب لا تخلو منها بقعة من الأرض... ولذا لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم، اللهم إلا شذاذ وحثالات لا يعتد لمثلهم بخلاف، ولا يؤبه لمثلهم بقول.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: (معلوم أن أحدًا من الخلق لم يزعم أن الأنبياء، والأحبار والرهبان والمسيح ابن مريم[1] شاركوا الله في خلق السماوات والأرض، بل ولا زعم أحد من الناس أن العالم له صانعان متكافئان في الصفات والأفعال، بل ولا أثبت أحد من بني آدم إلهًا مساويًا لله في جميع صفاته.
بل عامة المشركين بالله مقرون بأنه ليس له شريك مثله، بل عامتهم يقرون أن الشريك مملوك له، سواء كان ملكًا أو نبيًا أو كوكبًا، أو صنمًا كما كان مشركو العرب يقولون في تلبيتهم لبيك اللهم لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك تملكه، وما ملك)[2]، بل مع ذلك كانوا يقرون بأن الله خالق كل شيء حتى أنهم كانوا يقرون بالقدر أيضًا.
وقد ذكر أرباب المقالات ما جمعوا من مقالات الأولين والآخرين في الملل والنحل، والآراء والديانات، فلم ينقلوا عن أحد إثبات شريك مشارك له في خلق جميع المخلوقات، ولا مماثل له في جميع الصفات، بل من أعظم ما نقلوا في ذلك قول الثنوية الذين يقولون بالأصلين النور والظلمة، وأن النور خلق الخير والظلمة خلقة الشر.[3]
فتبين من هذا أن ليس في العالم من ينازع في ربوبية الله جل وعز، وكونه خلق الخلق وأوجدهم فضلًا عن وجوده؛ لكن غاية ما يقال: إن من الناس من جعل بعض الموجودات خلقًا لغير الله كالقدرية وغيرهم، لكنهم يقرون بأن الله خالق العباد وأفعالهم وإن قالوا إنهم خلقوا أفعالهم.
وكذلك أهل الفلسفة والمنجمون الذين يجعلون بعض المخلوقات مبدعة لبعض الأمور، هم من الإقرار بالخالق يجعلون هذه الفاعلات من الكواكب وغيرها مخلوقة، ولا يقولون إنها غنية عن الخالق مشاركة له في الخلق.[4]
 
الهوامش:

[1] رغم اعتقاد النصارى هذا فإنهم يزعمون أنه بعد وجود المسيح أصبح مشاركًا لله في تدبير الخلق، وفي الأمر والنهي، وأنه سيحاسب البشر، ولم يذكروا أنه شارك الله في شيء من ذلك قبل وجوده، مع تسميتهم له رب وإطلاق صفات الله عليه.

[2] الفتاوى، ص3/96، وانظر: الفتاوى أيضًا، ص14/380.

[3] وبرغم أن الثنوية يقولون بوجود خالقين إلا أنهم يعتقدون أن إله الخير أقوى وأعظم من إله الشر التي هي الظلمة، انظر: الملل والنحل للشهرستاني، ص244- 246.

[4] انظر: الفتاوى، ص3/97- 98، واقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية، ص1/459.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
الدلائل على توحيد الربوبية: إجماع الأمم.doc doc
الدلائل على توحيد الربوبية: إجماع الأمم.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى