كراماتُ شيوخِ الصوفيةِ

كراماتُ شيوخِ الصوفيةِ






الحمدُ للهِ وَالصلاةُ وَالسلامُ على رسولِ اللهِ وَآلِه وَصَحبِه وَمَنْ وَالَاه وبعد ... تتعلقُ كراماتِ شيوخِ الصوفيةِ ودورِها في جعلِهم مصدرًا للتصوفِ وسلوكياتِ أتباعِهم، لأنَّ تَمَتُّعَ شيوخِهم بالكراماتِ شاهدٌ دامغٌ على مكانتِهم وقدراتِهم الخارقةِ، وعلى استقامتِهم وقبولِهم عندَ اللهِ، حَسْبَ زَعْمِ الصوفيةِ.

ولهذا اهتمَّ الصوفيةُ كثيرًا بكراماتِ شيوخِهم المزعومةِ، وذكروا منها أخبارًا كثيرةً جدًّا في مصنفاتِهم([1]).

ومِنْ ذلكَ مثلًا:

الكرامةُ الصوفيةُ الأولى:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (حَدَّثَنَا أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي، ثنا محمد ابنُ منصور الطوسي، ثنا النضر قالَ: كَانَ إبراهيمُ بن أدهم يأخذُ الرطبَ مِنْ شجرةِ البلوط)([2]).

الكرامةُ الصوفيةُ الثانية:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (حَدَّثَنَا عبدُ اللهِ بن محمد بن جعفر، ثنا عيسى بن محمد الوسقندي، ثنا وبرة الغساني، ثنا عدي الصياد - مِنْ أهلِ جبلة - قالَ: سمعتُ يزيدَ بن قيس يحلفُ باللهِ أنَّه كانَ ينظرُ إلى إبراهيمَ بنِ أدهم وهو على شَطِّ البحرِ في وقتِ الإفطارِ، فيرى مائدةً تُوضَعُ بينَ يديه، لا يدري مَنْ وَضَعَهَا، ثُمَّ يراه يقومُ فينصرف حتى يدخلَ جبلة وَمَا معه شيءٌ)([3]).

الكرامةُ الصوفيةُ الثالثة:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو العباس الهروي، ثنا عصام بن رواد، ثنا عيسى بن حازم، حدثني إبراهيمُ بن أدهم قالَ: لوْ أَنَّ مؤمنًا قَالَ لذاكَ الجبلِ زُلْ لَزَالَ، قَالَ فتحركَ أبو قبيس، فقالَ: اسكُنْ إنِّي لَمْ أَعْنِكَ، قَالَ: فَسَكَنَ)([4]).

الكرامةُ الصوفيةُ الرابعة:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (حدثنا أبو الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي، ثنا علي بن محمد المصري، ثنا يوسف بن موسى المروزي، ثنا عبدُ الله بن خبيق، قالَ: سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ السندي يُحَدِّثُ أصحابَه قالَ: لَوْ أَنَّ وليًّا مِنْ أولياءِ اللهِ قَالَ للجبلِ: زُلْ لَزَالَ، قَالَ: فتحركَ الجبلُ مِنْ تحتِه فضربَهُ برجلِه فقالَ: اسْكُنْ، إنَّمَا ضَرَبْتُكَ مَثلًا لأصحابِي)([5]).

الكرامةُ الصوفيةُ الخامسة:

قالً أبو نعيم الأصبهاني: (عنْ عبدِ اللهِ بن محمد بن يعقوب قالَ: سمعتُ عبدَ الصمد بن الفضل يقولُ: سمعتُ مكي بن إبراهيم يقولُ: كانَ إبراهيمُ بنُ أدهم بمكةَ، فَسُئِلَ مَا يبلغُ مِنْ كرامةِ المؤمنِ على اللهِ - عزَّ وجلَّ -؟ قالَ: يبلغُ مِنْ كرامتِه على اللهِ تعالى لَوْ قَالَ للجبلِ تَحَرَّكْ لَتَحَرَّكَ، فتحركَ الجبلُ، فقالَ: مَا إياكَ عنيتُ)([6]).

الكرامةُ الصوفيةُ السادسة:

قالَ عبدُ الكريم القشيري: (سمعتُ الأستاذَ أبا علي الدقاق - رحمَه اللهُ تعالى - يقولُ: كانَ الحارثُ المحاسبي إذا مَدَّ يدَه إلى طعامٍ فيه شبهةٌ تحرَّكَ على أصبعِه عرقٌ، فكانَ يمتنعُ منه)([7]).

الكرامةُ الصوفيةُ السابعة:

قالَ القشيري: (ويُحكى عنْ الجنيد أنَّه قالَ: مَرَّ بي يومًا الحارثُ المحاسبي، فرأيتُ فيه أثرَ الجوعِ، فقلتُ: يا عم، تدخلُ الدارَ وتتناولُ شيئًا؟

فقالَ: نعمْ.

فدخلتُ الدارَ وطلبتُ شيئًا أقدمُه إليه، فكانَ في البيتِ شيءٌ مِنْ طعامٍ حُمِلَ إليَّ مِنْ عُرْسِ قومٍ، فقدمتُه إليه، فأخذَ لقمةً وأدارَها في فمِه مرات، ثُمَّ إنَّه قامَ وألقَاها في الدهليز ومَرَّ.

فلمَّا رأيتُه بعدَ ذلكَ بيومٍ قُلْتُ له في ذلكَ فقالَ: إني كنتُ جائعًا، وأردتُ أنْ أسرُّكَ بأكلي وأحفظُ قلبَك، ولكن بينِي وبين اللهِ - سبحانه - علامة، أنْ لا يسوغني طعامًا فيه شبهةٌ، فلمْ يمكنني ابتلاعُه، فَمِنْ أينَ كانَ لكَ ذلك الطعام؟

فقلتُ: إنه حُمِلَ إليَّ مِنْ دارٍ قريبٍ لي مِنَ العُرسِ.

ثُمَّ قُلْتُ: تدخلُ اليومَ؟

فقالَ: نعم.

فقدمتُ إليه كسرًا يابسًا كانتْ لنا، فأكلَ وقالَ: إذا قَدَّمْتَ إلى فقيرٍ شيئًا فَقَدِّمْ إليه مثلَ هذا)([8]).

الكرامةُ الصوفيةُ الثامنة:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، ثنا عبد الله بن محمد العطشي، ثنا أبو حفص عمر بن محمد بن الحكم النسائي، قالَ: حدثني محمد بن الحسين البرجلاني، قالَ: حدثني حسين بن محمد الشامي، قالَ: سمعتُ ذا النون يقولُ: ركبنا في البحرِ نريدُ مكةَ، ومعنا في المركبِ رجلٌ عليه أطمارٌ رثةٌ، فوقعَ في المركبِ تهمةٌ فدارتْ حتى صارتْ إليه.

فقلتُ: إنَّ القومَ اتهموكَ.

فقالَ: أنا تعني؟

فقلتُ: نعمْ.

قالَ: فنظرَ إلى السماءِ، ثُمَّ قالَ: أقسمتُ عليك إلَّا أخرجتَ مَا فيه مِنْ حوت بجوهرة، قَالَ: فلقدْ خُيلَ إليَّ أنَّ مَا في البحرِ سمكةٌ إلَّا وقدْ خَرَجَتْ في فيها لؤلؤةٌ أوْ جوهرةٌ، ثُمَّ رمى بنفسِه فِي البحرِ فذهبَ)([9]).

الكرامةُ الصوفيةُ التاسعة:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (ذكرَ لي أبو عامر عبد الوهاب بن محمد، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد قالَ: كنتُ عندَ سهل بن عبد الله جالسًا، فسقطَتْ بيننا حمامةٌ، فجعلتُ أنحيها، فقالَ سهل: أَطْعِمْهَا وَاسْقِهَا.

فَفَتَتُّ لها خبزًا، ووضعتُ لها ماءً، فلقطتْ الخبزَ وسقطت على الماءِ فشربَتْ وَمَضَتْ طائرةً، فقلتُ لسهل: أي شيءٍ هذا الطيرُ؟ فقالَ لي: يا أبا عبدِ اللهِ ماتَ أخٌ لي بكرمان، فجاءَتْ هذه تُعَزيني بِه.

قَالَ أبو عبد الله: وأظنُّه ذَكَرَ "شاه بن شجاع"، وكانَ مِنَ الأبدالِ، فكتبتُ تاريخَ اليومِ والوقتَ، فَقَدِمَ قومٌ مِنْ أهلِ كرمان، فعزونا فيه، وذكروا أنَّه ماتَ في اليومِ والوقتِ الذي سقطتْ عندنا الحمامةُ)([10]).

الكرامةُ الصوفيةُ العاشرة:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْهَرَوِيُّ قَالَ: حَكَى لِي عَنْ جَعْفَرَ بْنِ الزُّبَيْرِ الْهَاشِمِيِّ أَنَّ أَبَا الْحُسَيْنِ النُّورِيَّ، دَخَلَ يَوْمًا الْمَاءَ فَجَاءَ لِصٌّ فَأَخَذَ ثِيَابَهُ فَبَقِيَ فِي وَسَطِ الْمَاءِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ اللِّصُّ وَمَعَهُ ثِيَابُهُ فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ جَفَّتْ يَمِينُهُ، فَقَالَ النُّورِيُّ: رَبِّ قَدْ رَدَّ عَلَيَّ ثِيَابِي فَرُدَّ عَلَيْهِ يَمِينَهُ، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ يَدَهُ وَمَضَى)([11]).

الكرامةُ الصوفيةُ الحادية عشر:

قالَ أبو نعيم الأصبهاني: (حدثنا جعفر بن محمد، في كتابِه، وحدثني عنه عمرُ بن أحمد بن عثمان: قالَ أحمد بن خلف: دخلتُ يومًا على السري فقالَ لي: ألا أعجبكَ مِنْ عصفورٍ يجيءُ فيسقطُ على هذا الرواقِ، فأكونُ قَدْ أعددتُ له لقيمةً فأفُتُّها في كَفِّي، فيسقطُ على أطرافِ أناملي فيأكل؟

فلمَّا كانَ في وقتٍ مِنَ الأوقاتِ، سَقَطَ على الرواقِ، فَفَتَّتَ الخبزَ في يدي فَلَمْ يسقطْ على يدي كَمَا كَانَ، ففكرتُ في سِرِّ العلةِ في وحشتِه مني، فوجدتُني قدْ أكلتُ ملحًا طيبًا، فقلتُ في سري: أنا تائبٌ مِنَ الملحِ، فسقطَ على يدي فأكلَ وَانصرفَ)([12]).

الكرامةُ الصوفيةُ الثانية عشر:

قالَ أبو بكر الكلاباذي: (قالَ أبو بكر القحطبي: كنتُ في مجلسِ سمنون، فوقفَ عليه رجلٌ، فسألَه عن المحبةِ؟

فقالَ: لا أعرفُ اليومَ مَنْ أتكلمُ عليه يعلمُ هذه المسألةَ؟

فسقطَ على رأسِه طائرٌ، فوقعَ على ركبتِه!!

فقالَ: إنْ كانَ فهذا، ثُمَّ جعلَ يقولُ ويشيرُ إلى الطيرِ: بلغ مِنْ أحوالِ القومِ كذا وكذا، فشاهدوا كذا وكذا، وكانوا في حالِ كذا وكذا، فَلَمْ يَزَلْ يتكلمُ عليه حتَّى سقطَ الطيرُ عَنْ ركبتيه ميتًا)([13]).

الكرامةُ الصوفيةُ الثالثة عشر:

قالَ القشيري: (سمعتُ الأستاذَ أبا علي الدقاق - رحمهُ اللهُ تعالى - يقولُ: لما نفى أهلُ بلخ محمدَ بن الفضل مِنَ البلدِ؛ دعا عليهم وقالَ: اللهُمَّ امنعْهُم الصدقَ، فَلَمْ يخرجْ مِنْ بلخ بَعْدُ صديقٌ)([14]).

الكرامةُ الصوفيةُ الرابعةُ عشرة:

قالَ الكلاباذي: (قالَ أبو بكر بن مجاهد: سمعتُ أحمدَ بن سنان العطار يقولُ: سمعتُ بعضَ أصحابِنَا يقولُ: خرجتُ يومًا إلى نيلِ واسط، فإذَا أنا بطيرٍ أبيض في وسطِ الماءِ، وهوَ يقولُ: سبحانَ اللهِ مِنْ غفلةِ النَّاسِ)([15]).

الكرامةُ الصوفيةُ الخامسةُ عشرة:

قالَ الكلاباذي: (قالَ أبو عبد الله محمد بن سعدان: سمعتُ بعضَ الكُبَرَاءِ يقولُ: كنتُ يومًا جالسًا بحذاءِ البيتِ، فسمعتُ أنينًا مِنَ البيتِ: يا جُدُر تَنَحَّ عَنْ طريقِ أوليائي وأحبائي؛ فمنْ زاركَ بِكَ طافَ حولَك، وَمَنْ زاركَ بِي طَافَ عندي)([16]).

الكرامةُ الصوفيةُ السادسةُ عشرة:

قالَ القشيري: (حَكُي عنْ أبي عمران الواسطي، قالَ: انكسرتْ السفينةُ وَبَقيتُ أنا وامرأتِي على لوحٍ، وقدْ وَلَدَتْ في تلكَ الحالةِ صبيةً، فصاحتْ بي وقالتْ لي: يقتلني العطشُ، فقلتُ: هو ذا يرى حالَنَا، فرفعتُ رأسي، فإذَا رجلٌ في الهواءِ وفي يدِه سلسلةٌ مِنْ ذهبٍ وفيها كوزٌ مِنْ ياقوتٍ أحمر، وقالَ: هاكَ اشربا.

قالَ: فأخذتُ الكوزَ وشربْنَا منه، فإذا هو أطيبُ مِنَ المسكِ وأبردُ مِنَ الثلجِ، وأحلى مِنَ العسلِ، فقلتُ: مَنْ أنتَ رحمكَ اللهُ؟ فقالَ: عبدٌ لمولاك، فقلتُ: بِمَ وصلتَ إلى هذا؟ فقالَ: تركتُ هواي لمرضاتِه فأجلسني في الهواءِ. ثُمَّ غابَ عني وَلَمْ أرَه)([17]).

الكرامةُ الصوفيةُ السابعةُ عشرة:

قالَ القشيري: (وكانَ أبو عبيد البسري إذَا كانَ أولُ شهرِ رمضانَ دخلَ بيتًا، ويقولُ لامرأتِه: طينِي عليَّ البابَ، وألقِ إليَّ كُلَّ ليلةٍ مِنَ الكوةِ رغيفًا، فإذَا كانَ يومُ العيدِ فُتِحَ البابُ ودخلَتْ امرأتُه البيتَ، فإذَا بثلاثين رغيفًا فِي زاويةِ البيتِ، فلا أكلَ وَلَا شربَ، ولا نامَ، ولا فَاتَتْهُ ركعةٌ مِنَ الصلاةِ)([18]).

الكرامةُ الصوفيةُ الأخيرةُ - الثامنة عشرة -:

قالَ عبدُ الوهابِ الشعراني: (ومنهم الشيخُ علي نور الدين المرصفي - رحمهُ اللهُ تعالى ورضيَ عنه آمين -، كانَ مِنَ الأئمةِ الراسخين في العلمِ، وله المؤلفاتُ النافعةُ في الطريقِ، وَذَكَرَ لي سيدي أبو العباس - رحمهُ اللهُ - أنَّه قرأَ بينَ المغربِ والعشاءِ خمسَ ختماتٍ!! فقالَ الشيخُ: الفقيرُ وَقَعَ له أنَّه قَرَأَ في يومٍ وليلةٍ ثلاثمائة وستين ألف ختمة!! كُلُّ درجةٍ ألف ختمة)([19]).


الهوامش:

([1]) انظر مثلًا: الرسالة القشيرية، (2/530)، وما بعدها.

([2]) حلية الأولياء، أبو نعيم الأصبهاني، (8/3).

([3]) التخريج السابق.

([4]) المصدر السابق، (8/4).

([5]) التخريج السابق.

([6]) التخريج السابق.

([7]) الرسالة القشيرية،  (1/51).

([8]) التخريج السابق.

([9]) حلية الأولياء، أبو نعيم الأصبهاني، (10/176).

([10]) المصدر السابق، (10/238).

([11]) المصدر السابق، (10/251).

([12]) المصدر السابق، (10/123).

([13]) التعرف لمذهب أهل التصوف، الكلاباذي، ص(177).

([14]) الرسالة القشيرية، (2/503).

([15]) التعرف لمذهب أهل التصوف، الكلاباذي، ص(177).

([16]) المصدر السابق، ص(178).

([17]) الرسالة القشيرية، (2/535).

([18]) التخريج السابق.

([19]) الطبقات الكبرى، الشعراني، ص(466).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
كراماتُ شيوخِ الصوفيةِ.doc doc
كراماتُ شيوخِ الصوفيةِ.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى