شبهة الاستدلالُ على جوازِ الغلوِّ في الأنبياء بأوليةِ خلقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَسبقِ نبوتِه

شبهة الاستدلالُ على جوازِ الغلوِّ في الأنبياء بأوليةِ خلقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَسبقِ نبوتِه



شبهة الاستدلالُ على جوازِ الغلوِّ في الأنبياء بأوليةِ خلقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَسبقِ نبوتِه

يستدلُّ المبتدعةُ بجوازِ الغلوِّ في الأنبياء وَالصالحين على أوليةِ خلقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَسبقِ نبوتِه على سائرِ الأنبياء والمرسلين بما يلي: ما رُوي عنْه صلى الله عليه وسلم أنَّه قالَ: ((كنت نبيًّا وآدمُ بين الماءِ والطينِ))، وفي لفظٍ: ((كنتُ نبيًّا وآدمُ لا ماءَ ولا طين))، ما رُوي عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قالَ: ((كنتُ أولَ النبيينَ في الخلقِ وآخرَهم في البعثِ)).

الردُّ:

أولًا: الكلامُ على الروايات السابقة؛ حديث: ((كنتُ نبيًّا وآدمُ بين الماءِ والطينِ))، وفي لفظ: ((كنتُ نبيًّا وآدمُ لا ماءَ ولا طين))، فهو بهذا اللفظِ موضوعٌ لا أصلَ له، قالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية - رحمهُ اللهُ -: (وأمَّا ما يرويه هؤلاء الجهالُ كابنِ عربي في الفصوصِ، وغيرُه منْ جهَّالِ العامةِ ... فهذا لا أصلَ له، ولم يروِه أحدٌ منْ أهلِ العلمِ الصادقين، وَلا هوَ في شيءٍ منْ كُتبِ العلمِ المعتمدةِ بهذا اللفظِ، بل هو باطلٌ)([1]).

ثانيًا: وَأمَّا الحديثُ الأخيرُ، فقدْ رُوي بثلاث طُرُقٍ؛ طريقان مرفوعان وطريقٌ مُرْسَلٌ، وَإسنادُ المرفوعِ منه ضعيفٌ، وقدْ ضَعَّفَ الحديثَ ملا علي القاري([2])، والألباني([3]).

ثالثًا: القولُ بأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مخلوقٌ قبلَ عمومِ الناسِ، وَأنَّه مُرْسَلٌ قبلَ الرسلِ جميعِهم، مخالفٌ لصريحِ الأدلةِ منَ الكتابِ والسنةِ منْ أنه مخلوقٌ كسائرِ الناسِ، وأنَّ إيجادَه مرَّ بالأطوارِ التي جعلَها اللهُ تعالى سُنَّةً في خلقِ الناسِ، فهوَ صلى الله عليه وسلم خاتمُ الأنبياءِ وَالمرسلين، وَكُلُّ الرسلِ كانوا قبلَه؛ كمَا قالَ تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [غافر: 78]، وَهذه أدلةٌ صريحةٌ في كونِه صلى الله عليه وسلم أُوتي الرسالة بعدَ الرسلِ جميعًا، فكانَ خاتمَهم وهوَ صلى الله عليه وسلم أفضلُهم.

رابعًا: قالَ شيخُ الإسلام ابنُ تيمية - رحمهُ اللهُ -: (يغلطُ كثيرٌ مِنَ الناسِ في قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الحديثِ الصحيحِ الذي رواه ميسرةُ قالَ: ((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، متى كنتَ نبيًّا؟ - وفي روايةٍ: متى كُتِبْتَ نبيًّا؟ - قالَ: وآدمُ بين الروحِ والجسدِ))، فيظنون أنَّ ذاتَه ونبوتَه وُجِدَتْ حينئذٍ، وهذا جهلٌ، فإنَّ اللهَ إنما نبَّأَه على رأسِ أربعين من عمره ... وِمَنْ قالَ: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ نبيًّا قبلَ أنْ يُوحى إليه فهو كافرٌ باتفاقِ المسلمين)([4]).



([1]) مجموع فتاوى ابن تيمية، (2/146).

([2]) الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة، ملا علي القاري، ص(272).

([3]) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة، الألباني، ص(2/115).

([4]) مجموع فتاوى ابن تيمية، ص(8/282-283).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
شبهة الاستدلالُ على جوازِ الغلوِّ في الأنبياء بأوليةِ خلقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَسبقِ نبوتِه.doc doc
شبهة الاستدلالُ على جوازِ الغلوِّ في الأنبياء بأوليةِ خلقِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وَسبقِ نبوتِه.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى