الرد على شبهة اعتبار الاحتفال بالمولد النبوي من البدع الحسنة
يستدل المبتدعة بجواز الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وسلم، أن الاحتفال بتلك المواسم - كالمولد وغيره - يعدُّ من البدعِ الحسنةِ، لِمَا يكون فيها من ذكرٍ للهِ تعالى، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأعمال صالحة([1]).
الرد:
أولًا: أن هذه الشبهة مبنيَّة على القولِ بانقسامِ البدع إلى بدعٍ حسنةٍ وبدعٍ سيئةٍ، وهو تقسيمٌ منافٍ للأدلة الصريحة التي تعمُّ كلَ البدع بوصف الضلالة، وأنها كلها مردودةٌ على أصحابها، ولم يأتِ فيها أي استثناء يخصُّ بعضًا دون بعض؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: »كُلُّ بدعةٍ ضلالة«، وقال صلى الله عليه وسلم: »مَنْ عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ«.
وهو منافٍ أيضًا لما هو متقررٌ بالنصِّ والإجماع من كمال الدين، وتمام النعمة؛ كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
ثانيًا: المعتبر في الحكم على البدعة ليس هو ما تتضمنه من أقوالٍ وأفعالٍ فقط، بل لابد من النظر في أصلها من حيث ورود الدليل الدالِّ على مشروعيتها من عدمه، فمن خصَّ يومًا من الأيام أو موسمًا من المواسم، بصلاة أو صيام أو ذكر، أو جعله على صفة معينة، ولم يُنقلْ عن الشارعِ ذلك التخصيصُ لكان ذلك ابتداعًا في الدين وضلالة.
ثالثًا: الواقع والمُشَاهَد أن كثيرًا من تلك الاحتفالات لم تقتصر على الذكر والأعمال الصالحة، بل إنها تضمنت مخالفات ظاهرة؛ كالغناء والرقص، واختلاط الرجالِ بالنساء، والتبذير ونحو ذلك، كما تقدمت الإشارة إليه.
فضلًا عما يكون فيها من غلوٍّ في الدين قد يوصل إلى سِيَرِ أهل الجاهلية الأولى، فيُضاف إلى كونها بدعة مذمومة وجودُ تلك المخالفات الظاهرة، فتكون الآثام مركبة، نسأل الله تعالى السلامة والهدى.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.