شبهة الاستدلال بالآية {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ ...} على جواز الاحتفال بالمولد
يستدل المبتدعةُ بجوازِ الاحتفال بيوم مولدِه صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]، فقالوا: إن الاحتفال بيوم مولدِه صلى الله عليه وسلم تعبيرٌ عن الفرح والسرور لِمَا منَّ اللهُ تعالى به علينا بهذا النبي الكريم([1]).
الرد:
أولًا: أن الآية لا تدلُّ على ما ذهبوا إليه من الاحتفالِ بليلة المولد، وجعلهم ذلك من أفضل القربات، فلم يُنقل عن السلفِ من الصحابة والتابعين لهم بإحسان أنهم فهموا ذلك من الآية، ولو كان هذا مفهومًا للآية والسلفُ على دراية به ثم هم أعرضوا عنه ولم يقوموا به ولو مرةً واحدةً؛ فإن هذا من أعظم الجناية عليهم، ونسبتهم إلى الإعراضِ عن دين الله تعالى.
ثانيًا: أن الفرحَ الحقَّ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم يكونُ بمحبته وتصديقه وامتثال أمره وتحقيق اتباعه، فبذلك يتحققُ فرحُ القلب، وينقلب بطيب الحياة في الدنيا والآخرة؛ إذ أن ذلك الاتباع سببٌ لمحبةِ الله تعالى للعبد كما قال سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [آل عمران: 31].
ثالثًا: أن اليوم الذي وُلد فيه صلى الله عليه وسلم هو اليوم الذي مات فيه، فقد مات صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من أيام شهرِ ربيعٍ الأول، وهذا يكاد يكون إجماعًا([2])، وهو في اليوم الثاني عشر منه على قولِ الجمهورِ([3])، ورَحِمَ اللهُ الإمامَ الفاكهاني إذ يقول: (هذا مع أن الشهرَ الذي وُلد فيه، وهو ربيع الأول، هو بعينِه الشهرُ الذي تُوفي فيه، فليس الفرحُ بأولى من الحزنِ فيه)([4]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.