شبهة الاستدلال بإمكانية رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة على جواز الغلو في الأنبياء
يستدل المبتدعةُ بجواز الغلوِّ في الأنبياء والصالحين، على إمكان رؤيةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في اليقظةِ والاجتماع به والأخذ عنه بحديث: ((من رآني في المنامِ فسيراني في اليقظةِ، ولا يتمثلُ الشيطانُ بي))([1]).
الجواب :
أولًا: أن القولَ برؤيتِه يقظةً يلزم منه أن يكون من رآه كذلك أن يكون كالصحابةِ في ذلك؛ إذ أن ما يميزُ الصحابةَ عن غيرِهم من المؤمنين رؤيتُهم للنبي صلى الله عليه وسلم ولقاؤه، فعلى هذا القول فلا حدَّ لانتهاء عهد الصحابةِ، ويكون ذلك مستمرًّا ما دامت اللُّقيا به في اليقظة قائمة([2]).
ثانيًا: لو كان صلى الله عليه وسلم يظهر لأحدٍ من أمته ويكلمه ويحادثه، لكان ظهوره لعموم الأمة - وهي كم تعاني من الفتن والتنازع - من بابِ أولى؛ إذ أنه بالمؤمنين رؤوفٌ رحيمٌ.
ثالثًا: أن ما يظهر لبعضِ الناس مما قد يتوهم معه أنه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حادثَه وجالسَه، وحضرَ حلقةَ الذكر التي هو فيها، ونحو ذلك؛ ما هو إلا خيالات يغرِّرُ بها الشيطانُ ضعافَ النفوسِ وطلبةَ الجهلِ، إذ لو كان ذلك واقعًا لكان الصحابة أولى به؛ إذ أنهم أمتن دينًا ومجالسهم أصدق قولًا وعملًا.
رابعًا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (والضُلَّالُ من أهلِ القبلةِ يرون من يعظمونه إما النبيَّ صلى الله عليه وسلم وإما غيرَه من الأنبياءِ يقظةً، ويخاطبُهم ويخاطبونه، وقد يستفتونَه ويسألونَه عن أحاديث فيجيبهم، ومنهم من يخيلُ إليه أن الحجرةَ قد انشقتْ وخرجَ منها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وعانقَه هو وصاحباه، ... ولهذا لم يقلْ قط أحدٌ من الصحابةِ أن الخضرَ أتاه، ولا موسى ولا عيسى، ولا أنه سمع ردَّ النبيِّ عليه، وابنُ عمر كان يُسَلِّمُ إذا قدمَ من سفرٍ، ولم يقلْ قط إنه يسمعُ الردَّ، وكذلك التابعون وتابعوهم)([3]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.