مشروعية الاشتغال في وقت الصباح بما فيه المصلحة

مشروعية الاشتغال في وقت الصباح بما فيه المصلحة





ربما اشتغل النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الوقت بالشيء للحاجة واستباقا لحر النهار.
وقد قال البخاري في باب التحريض على القتال: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا معاوية بن عمرو، حدثنا أبو إسحاق، عن حميد، قال: سمعت أنسا - رضي الله عنه -، يقول: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع، قال: "اللهم إن العيش عيش الآخره، فاغفر للأنصار والمهاجره" فقالوا مجيبين له: "نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبد" [1]
وقد يشتغل - صلى الله عليه وسلم - في هذا الوقت بما فيه مصلحة للناس من قضاء حاجة أو نحو ذلك.
قال أحمد في مسنده: حدثنا هاشم، حدثنا سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الغداة جاء خدم أهل المدينة بآنيتهم فيها الماء، فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيها، فربما جاءوه في الغداة الباردة فغمس يده فيها"[2] بأبي هو وأمي!!.
 
لا يصح حديث مرفوع في فضل شهود صلاة الصبح ثم اتصاله بالذكر حتى تطلع الشمس ثم صلاة ركعتين
وقد جاءت أخبار مرفوعة في فضل شهود صلاة الصبح، ثم اتصاله بالذكر حتى تطلع الشمس، ثم صلاة ركعتين، وذلك من حديث أنس وأبي أمامة وابن عمر - رضي الله عنهم -، وغيرها .. وكلها أخبار ضعاف لا تقوم بها حجة.
والعمدة في ذلك - أعني الاشتغال بالذكر والجلوس في المصلى - على ما نقل من سنته الفعلية عليه الصلاة والسلام وسنة أصحابه، وما نقل عن السلف، وأما الفضائل في ذلك - فكما تقدم - ضعيفة.
ومما يدل على ترك الصلاة في هذا الوقت منه عليه الصلاة والسلام، مع إباحة ذلك - ما أخرجه أحمد من طريق قتادة، عن القاسم الشيباني، عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - رحمه الله - أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أتى على مسجد قباء - أو دخل مسجد قباء - بعدما أشرقت الشمس، فإذا هم يصلون فقال: "إن صلاة الأوابين كانوا يصلونها إذا رمضت الفصال"[3].
وسيأتي ذكر هذا الخبر في صلاة الضحى إن شاء الله جل شأنه.
ومما يدل على ما قررنا أيضا من الاشتغال بالذكر حسب دون الصلاة إذا طلعت الشمس: ما أخرجه مسلم من طريق عن كريب، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، عن جويرية - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح، وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى، وهي جالسة، فقال:"ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟" قالت: نعم، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته "[4].
ولم يأمرها - صلى الله عليه وسلم - أن تصلي ركعتين أو يرشدها إلى ذلك، مع تيسره وسهولته، ولم يكن ذلك مشهورا عندهم، والأمر في هذا ظاهر بحمد الله.
وتقدم ما رواه ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: "أن عائشة كانت إذا طلعت الشمس نامت نومة الضحى"[5].
فأين أهل بيته عن هذا الفضل لهاتين الركعتين بعد طلوع الشمس؟


الهوامش:
[1] صحيح البخاري (2834)،وأعاده بسنده ومتنه سواء(4099)، في باب غزوة الخندق، وهي الأحزاب، وقلما يعيد البخاري الحديث بالسند نفسه، ولا يعيد الحديث غالبا إلا بإيراده من طريق آخر في شيوخه أو من فوقهم.
[2] مسند أحمد(12401).
[3] مسند أحمد(19347).
[4] صحيح مسلم(2762).
[5] مصنف ابن أبي شيبة(25451).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
مشروعية الاشتغال في وقت الصباح بما فيه المصلحة doc
مشروعية الاشتغال في وقت الصباح بما فيه المصلحة pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى