قال ابن القيم في الهدي: وأما حديث نعيم بن همار - رضي الله عنه -: "ابنَ آدم لا تعجز لي عن أربع ركعات في أول النهار أكْفِك آخرَه"، وكذلك حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -، وأبي ذر - رضي الله عنه - - فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "هذه الأربع عندي هي الفجر وسنتها" [1]
قال في النيل: "وقد قيل: يحتمل أن يراد بها فرض الصبح وركعتا الفجر؛ لأنها هي التي في أول النهار حقيقة، ويكون معناه: كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله"، قال العراقي: "وهذا ينبني على أن النهار هل هو من طلوع الفجر أو من طلوع الشمس؟ والمشهور الذي يدل عليه كلام جمهور أهل اللغة وعلماء الشريعة أنه من طلوع الفجر" [2].
قلت: وما قال أبو العباس أقرب وهو موافق لما روى مسلم في صحيحه من طريق بشر بن مفضل، عن خالد، عن أنس بن سيرين، قال: سمعت جندب بن عبد الله، يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى الصبح فهو في ذمة الله، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم"[3]. فهناك كفاية، وهنا حفظ، والسبب هنا شهود صلاة الصبح؛ فكذا هناك.
فإن قيل: فأين اشتراط سنة الصبح في هذا الخبر؟
فالجواب: أن ألفاظ الشارع تحمل على الكمال والتمام، فمن صلاهما فهو أولى أن يكون في ذمة الله، وهو ما وقع في حديث نعيم بن همار وقد أخرجه أحمد قال: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا أبان بن يزيد العطار، عن قتادة، عن نعيم بن همار، عن عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يقول: يا ابن آدم، اكفني أول النهار بأربع ركعات، أكفك بهن آخر يومك".[4]
وهذا إسناده صحيح؛ نعيم بن همار عند الجمهور صحابي.
وأخرجه أبو يعلى من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد [5]
وروي من مسند نعيم بن همار نفسه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ويشهد له حديث أبي الدرداء عند أحمد، وإسناده منقطع.
وحديث أبي ذر وأبي الدرداء عند الترمذي، وقال: "حديث حسن غريب"[6].
والحديث أصله ثابت وله طرق.
الهوامش
الهوامش
[1] زاد المعاد في هدي خير العباد (348).
[2] نيل الأوطار(3/79).
[3] صحيح مسلم(657).
[4] مسند الإمام أحمد(17390).
[5] مسند أبي يعلي(1757).
[6] سنن الترمذي(475).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.