خصائص وأحكام سنة الفجر

خصائص وأحكام سنة الفجر




قال في الشرح الممتع ما نصه: "وتختص هاتان الركعتان - أعني ركعتي الفجر - بأمور:
أولا: مشروعيتهما في السفر والحضر.
ثانيا: ثوابهما؛ بأنهما خير من الدنيا وما فيها.
ثالثا: أنه يسن تخفيفهما، فخففهما بقدر ما تستطيع، لكن بشرط أن لا تخل بواجب؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح، حتى إني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب"؟ تعني: من شدة تخفيفه إياهما.
رابعا: أن يقرأ في الركعة الأولى بـ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون]، وفي الثانية: بـ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص]، أو في الأولى {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ} الآية .. في سورة البقرة [136] و {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية .. في سورة آل عمران [64].
فتقرأ أحيانا بسورتي الإخلاص، وأحيانا بآيتي البقرة وآل عمران، وإن كنت لا تحفظ آيتي البقرة وآل عمران، فاقرأ بسورتي الإخلاص والكافرون.
خامسا: أنه يسن بعدهما الاضطجاع على الجنب الأيمن، وهذا الاضطجاع اختلف العلماء فيه:
فمنهم من قال: إنه ليس بسنة مطلقا.
ومنهم من قال: إنه سنة مطلقا.
ومنهم من قال: إنه سنة لمن يقوم الليل؛ لأنه يحتاج إلى راحة حتى ينشط لصلاة الفجر.
ومنهم من قال: إنه شرط لصحة صلاة الفجر، وأن من لم يضطجع بعد الركعتين فصلاة الفجر باطلة. وهذا ما ذهب إليه ابن حزم رحمه الله، وقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع بعدهما»، فأمر بالاضطجاع.
لكن يجاب بما يلي:
أولا: هذا الحديث ضعيف، فلم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمره، بل صح من فعله.
ثانيا: ما علاقة هذا بصلاة الفجر!
ولكن يدلك هذا على أن الإنسان مهما بلغ في العلم فلا يسلم من الخطأ.
وأصح ما قيل في هذا: ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو التفصيل، فيكون سنة لمن يقوم الليل؛ لأنه يحتاج إلى أن يستريح، ولكن إذا كان من إذا وضع جنبه على الأرض نام؛ ولم يستيقظ إلا بعد مدة طويلة؛ فإنه لا يسن له هذا؛ لأن هذا يفضي إلى ترك واجب"[1].
قال أبو محمد: وقع الاختلاف في حديث ابن عباس فيما يقرأ في ركعتي الفجر، والاختلاف إنما وقع فيما يقرأ في الركعة الثانية فقد أخرج مسلم من طريق: أبي خالد الأحمر، عن عثمان بن حكيم، عن سعيد بن يسار، عن ابن عباس، - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في ركعتي الفجر: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] والتي في آل عمران: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران: 64]"[2].
هذا لفظ أبي خالد الأحمر، وقد خالفه كل من: عبد الله بن نمير، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وزهير بن معاوية، ومروان بن معاوية الفزاري، وعيسى بن يونس، كلهم عن عثمان بن حكيم به ..
لكن جعلوا الآية الثانية {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ} [آل عمران:52]، والصواب رواية الجماعة.
والموضع الصحيح للضجعة: بعد سنة الصبح، وقد أخطأ مالك رحمه الله فجعلها قبل الأذان، وغلّطه الحفاظ.
قال في التمهيد: "حدثني يحيى، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن" حديث رابع لابن شهاب عن عروة مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن".
قال: "إلى هاهنا انتهت رواية يحيى في هذا الحديث، وتابعه القعنبي وجماعة الرواة للموطأ، وأما أصحاب ابن شهاب فرووا هذا الحديث عن ابن شهاب بإسناده هذا فجعلوا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، لا بعد الوتر، وذكر بعضهم فيه عن ابن شهاب أنه كان يسلم من كل ركعتين في الإحدى عشرة ركعة، ومنهم من لم يذكر ذلك، وكلهم ذكر اضطجاعه بعد ركعتي الفجر في هذا الحديث، وزعم محمد بن يحيى وغيره أن ما ذكروا من ذلك هو الصواب دون ما قاله مالك.
قال أبو عمر: لا يدفع ما قاله مالك من ذلك لموضعه من الحفظ والإتقان وثبوته في ابن شهاب وعلمه بحديثه"[3].
وقال ما نصه: "وقد ذهب قوم إلى أن المصلي بالليل إذا ركع ركعتي الفجر كان عليه أن يضطجع على ما جاء في هذا الحديث، وزعموا أن الاضطجاع سنة في هذا الموضع، واحتجوا بحديث ابن شهاب هذا عن عروة عن عائشة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ركع ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" هكذا قال كل من روى هذا الحديث عن ابن شهاب إلا مالك بن أنس فإنه جعل الاضطجاع في هذا الحديث بعد الوتر"[4].
 
لا يدل تخفيف سنة الفجر على أن وقت النهي يبدأ بطلوع الصبح:
قال بعضهم تأييداً لدخول وقت النهي بطلوع الصبح: إنه شرع تخفيف ركعتي الصبح لأجل ذلك؛ لأن المعهود عند الشارع أن الوقت إن كان وقت نهي فشرعت النافلة لسبب فيشرع تخفيفها كما هنا، وكما هو الأمر في تحية المسجد للداخل والإمام يخطب، وقد قال عليه الصلاة والسلام "صل ركعتين وتجوز فيهما"، وقال: إن وقت النهي يتضمن إعدام الصلاة وتخفيفها إن أبيحت تقليلاً للمخالفة وتحصيلاً لمصلحة الصلاة ذات السبب بأقل ما يقع من الامتثال، وعلى هذا فلا يشرع تطويل النافلة ذات السبب إن أبيحت في وقت النهي، وهذا محفوظ لا يرِد عليه شيء من أوامر الشارع وتقريراته، كذا قال، وهو مع وجاهته ليس بلازم، فقد قيل بتخفيف السنة بين يدي المغرب، قال الحافظ: "ومجموع الأدلة يرشد إلى تخفيفهما، كما في ركعتى الفجر"[5].
وثانيا: قصاراه أن يكون قرينة، والنهي يحتاج صيغة صريحة ولم توجد.

الهوامش:
[1] الشرح الممتع(4/70).
[2] صحيح مسلم(727).
[3] التمهيد(8/121).
[4] التمهيد(8/121).
[5] فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر(2/109).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
خصائص وأحكام سنة الفجر doc
خصائص وأحكام سنة الفجر pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى