أهمية الخوف من الله

أهمية الخوف من الله






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ الخوف غريزةٌ فُطرت عليها النفوس البشري؛ قال الله تعالى حاكيًا عن موسى وهارون - عليهما السلام -: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى} [طه: 45]، فالنفس تخافُ مما يضرها وتخشاه، ولكن قد يكون الخوف واجبًا وهو الخوف من الله الدافع لفعل الواجب؛ قال تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]، وهو أمرٌ يدل على الوجوب.
وقد يكون الخوف محرمًا، كالخوف من غير الله كخيفة الله عز وجل أو أشد خيفة، فهذا شركٌ مع الله، وهو مثل حب غير الله كحب الله أو أشد حبًّا؛ قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165].
 وعدم مخافة الملامة في الله من صفات المؤمنين، الجيل الذين يحبهم الله ويحبونه؛ قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [الشمس: 54].
ومن يخاف الملامةَ في اللهِ فقد جانب الصواب ووقع في المكروه أو الحرام إذا كان خوف الناس يؤدي إلى ترك واجب أو وقوع في محرم؛ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 77].
قال ابنُ رجب الحنبلي - رحمه الله -: (والقدرُ الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم، فإن زادَ على ذلك بحيث صار باعثًا للنفوس على التشمير في نوافل الطاعات، والانكفاف عن دقائق المكروهات، والتبسط في فضول المباحات؛ كان ذلك فضلًا محمودًا، فإن تزايد على ذلك بأن أورثَ مرضًا أو موتًا أو همًّا لازمًا، بحيث يقطعُ عن السعيَ في اكتسابِ الفضائل المطلوبة المحبوبة لله عز وجل؛ لم يكن محمودًا.
ولهذا كان السلفُ يخافون على عطاء السلمي من شدةِ خوفِه الذي أنساه القرآنَ وصار صاحبَ فراشٍ، وهذا لأن خوف العقاب ليس مقصودًا لذاته، إنما هو سوطٌ يُساقُ به المتواني عن الطاعةِ إليها، ومن هنا كانت النارُ من جملةِ نِعَمِ اللهِ على عبادِه الذين خافوه واتقوه، ولهذا المعنى عدَّها اللهُ سبحانه وتعالى من جملةِ آلائِه على الثقلين في سورةِ الرحمن)([1]).
وقال ابن القيم - رحمه الله -: (ومن منازل "إياك نعبدُ وإياك نستعين" منزلةُ الخوفِ، وهى من أَجَلِّ منازل الطريق وأنفعها للقلب، وهي فرضٌ على كلٍّ أحدٍ؛ قال الله تعالى: {فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]، وقال تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]، {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: 150]).
 

الهوامش:
([1]) التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار، ابن رجب، (1/34)، الناشر: مكتبة دار البيان، دمشق، الطبعة الأولى، 1399هـ.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
أهمية الخوف من الله doc
أهمية الخوف من الله pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى