النهي عن الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم

النهي عن الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فإن تعريف الغلو لغة: تجاوز الحد،
والتعريف الشرعي للغو: مجاوزة حدود ما شرع، سواء كان ذلك التجاوز في جانب الاعتقاد أم القول أم العمل، وأصل الغلو في الغلة يطلق على مجاوزة الشيء حده الذي وضع له بأن يزاد في حمد الشيء أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك.

وقد جاء ذكر لفظ الغلو في القرآن الكريم في موضعين وكان الخطاب فيهما للنصارى، فأحدهما: في قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171]

والآخر في سورة المائدة: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 77]

وقال عليه الصلاة والسلام: "إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين"[1].

والغلو في حقه صلى الله عليه وسلم مجاوزة الحد في قدره بأن يرفع فوق مرتبة العبادة والرسالة ويجعل له شيء من خصائص الإلهية كأن يدعي ويستغاث به من دون الله ويحلف به.

أنواع الغلو:

تتعدد أشكال الغلو وصوره، فمنه ما يكون في الاعتقاد، ومنه ما يكون في العمل:

-  الغلو في الاعتقاد: ويتمثل في مجاوزة حدود الاعتقاد الصحيح إلى غيره من ضروب الانحراف ومنه:

o غلو النصارى في عيسى عليه السلام حتى جعلوه في مرتبة الألوهية.

o وغلو بعض المتصوفة في الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ادعوا أنه مخلوق من نور رب العالمين، وأن الكون خلق من نوره، وأنه يتصرف في الأكوان، وأنه ملاذ ومعاذ عند حلول الخطوب ونزول الشدائد.

- الغلو في العمل: فمن ذلك دعوى الغلاة جواز صرف بعض أنواع العبادة له صلى الله عليه وسلم، فمن قائل يقول: إنه يستغاث به في كل ما يستغاث فيه الخالق بمعنى أنه يطلب منه كما يطلب من الخالق، ومن ذلك ما يفعله بعض الناس من إنشاد القصائد التي فيها استغاثة وتوسل وحلف، ولا يميزون بين حق الله وحق الرسول صلى الله عليه وسلم.

عن عبد الله بن الخشير رضي الله عنه قال: انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فقلنا أنت سيدنا فقال السيد الله تبارك وتعالى قلنا وأفضلنا فضلًا وأعظمنا طولًا فقال قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان"[2]، مع العلم أنه صلى الله عليه وسلم سيد حقًا لكنه خشى على أمته من الغلو.

وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله"[3].

 

الهوامش:

[1] رواه أحمد، مسند عبد الله بن العباس، رقم الحديث: (1851).

[2] رواه أبي داود، كتاب الأدب، باب في كراهية التمادح، رقم الحديث: (4806).

[3] رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها}، رقم الحديث: (3445).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
النهي عن الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم.doc doc
النهي عن الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى