محبة النبي صلى الله عليه وسلم معناها وحقيقتها

محبة النبي صلى الله عليه وسلم معناها وحقيقتها





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ فإنه يميل قلب المسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلًا يتجلى فيه إيثاره صلى الله عليه وسلم على كل محبوب سوى الله من نفس ووالد وولد والناس أجمعين، وذلك لما خصه الله من كريم الخصال وعظيم الشمائل، وما أجراه على يديه من صنوف الخير والبركات لأمته، وما امتن الله على العباد ببعثه ورسالته إلى غير ذلك من الأسباب الموجبة لمحبته عقلًا وشرعًا.

ويرى آخرون أن المحبة لا توصف بوصف أظهر من (المحبة)، وإنما يتكلم الناس في (أسبابها، وموجباتها، وعلاماتها، وشواهدها، وثمراتها، وأحكامها)، فالحب كلمة دائرة على ألسنة الناس، رمزًا لتعلق القلوب وميلها إلى ما ترضاه وتستحسنه، ويطلق في اللغة على صفاء المودة، والمحبة على درجتين:

- إحداهما فرض: وهي المحبة التي تقتضي قبول ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله، وتلقيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وعدم طلب الهدى من غير طريقه بالكلية، ثم الاتباع له فيما بلغه عن ربه بفعل الواجبات، والانتهاء عما نهى عنه من المحرمات، فهذا القدر لابد منه، ولا يتم الإيمان بدونه.

-  والدرجة الثانية: سنة، وهي المحبة التي تقتضي حسن التأسي به، وتحقيق الاقتداء بسنته في أخلاقه، وآدابه، ونوافله، وتطوعاته، وأكله، وشربه، ولباسه،... وغير ذلك من آدابه الكاملة، وأخلاقه الطاهرة، والاعتناء بمعرفة سيرته وأيامه، وتعظيمه وتوقيره، ومحبة استماع كلامه، وإيثاره على كلام غيره من المخلوقين.

دواعي محبة الرسول صلى الله عليه وسلم:

يرتبط الحب في قلب الإنسان بدوافع وبواعث تبعث عليه، مهمتها أن تحرك القلب وتدفعه نحو محبوباته، وإذا نظرنا إلى محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فسنجد أن البواعث عليها متنوعة ومتعددة، وذلك لكثرة ما خصه الله به من أنواع الفضائل ومنها:

- أن حب المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم تابع لحبه لله عز وجل:

وذلك لأن محبة الله تعالى هي أساس المحبة الشرعية، لأن الله هو المحبوب لذاته وكل ما سواه، مما يحب شرعًا، فمحبته تابعة لمحبة الله عز وجل، قال الله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]، وأيضًا فإن الله تعالى أحبه واختاره من خلقه، فحب ما يحبه الله من لوازم محبته سبحانه وتعالى، وذلك أن الله تعالى اصطفاه على الناس برسالته، وجعله خاتم النبيين، وأفضل الخلق أجمعين، وحبيب رب العالمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع"[1].

- كمال رأفته صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته وحرصه على هدايتها وإنقاذها من الهلكة، حتى كادت أن تذهب نفسه أسفًا على قومه ألا يكونوا مؤمنين، كما قال تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 3]، وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].

- حب المسلم للرسول صلى الله عليه وسلم يحركه في قلبه أمور كثيرة منها:

o تذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله، وسيرته وشمائله ومكارم أخلاقه.

o الوقوف على هديه صلى الله عليه وسلم والاشتغال بالسنة قولًا وعملًا.

o معرفة نعمة الله على عباده بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، والنظر في النفع الحاصل للعباد من جهته صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من الظلمات إلى النور.

 

الهوامش:

[1] رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الخلائق، رقم الحديث: (2278).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
محبة النبي صلى الله عليه وسلم معناها وحقيقتها.doc doc

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى