العلاقة بين أنواع العلاج بالطاقة "الريكي-العلاج البراني" والفكر الصوفي

العلاقة بين أنواع العلاج بالطاقة "الريكي-العلاج البراني" والفكر الصوفي



  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يعد التصوف من المذاهب المشتركة بين أتباع عدد من الديانات والفلسفات المختلفة، إذ يشتركون في كثير من الطقوس والرياضات النفسية، مع اتحاد في بعض الأهداف، واختلاف في أخرى، ويهدف التصوف الفلسفي في مجمله إلى الاتصال بالذات العليا "الإله –المطلق" والفناء فيه، وتعد الفلسفة البوذية أحد المؤثرات في الفكر التصوفي[1]، وقد اتضح معنا سابقا العلاقة بين أصول العلاج بالبرانا والريكي وبين الفكر الفلسفي الشرقي والذي يعد التصوف من أبرز سماته، ويمكن تلخيص وجه العلاقة بين العلاج "البراني والريكي" وبين التصوف من خلال النقاط التالية:
  1- تحقيق الوحدة مع المطلق، سواء سمي:" الله أو العقل الفعال، أو الطاقة...الخ" والفناء فيه هو الطريق إلى امتلاك القدرات الخارقة ومنها معجزات الشفاء عند عامة المتصوفة من مختلف الملل، فيكون تصرف المعارج الخرق نتاج عن القدرة الإلهية لا عن القدرة البشرية لذلك فهم يطلقون "القوة الإلهية أو القوة الروحية" إخراجا لها عن القوة المادية أو المحسوسة والتي يمكن اختبارها وقياسها وفق أساليب التجربة العلمية المعاصرة، فهذا القوة الروحية التي يدعون اكتسابها خارجة عن القوى المادية التي يمكن قياسها[2].
  وجميع ما سبق يتفق مع الريكي والعلاج البراني، إذ أن وسيلة اكتساب المعال لقوة الشفاء، أو الطاقة لا يكون إلا عبر تحقيقه الاندماج مع الطاقة الكونية المزعومة وكما سبق توضيح ذلك يعتبر القائمون على الريكي والعلاج البراني أن منطقة "شاكرا التاج-آجنا-" هي منطقة دخول الطاقة الروحية وتارة يطلقون عليها الطاقة الإلهية، واندماجها مع المعالج وبالتالي يتمكن من استخدام هذه الطاقة في معالجة الآخرين، وهذا مذهب القائلين بوحدة الوجود والذي سبق الإشارة إليه، وأنه من مذاهب أهل الإلحاد.
  2-ادعاء القدرة على امتلاك المعجزات المتعلقة بالعلاج والتداوي، ويطلق مسمى اللمسة الشافية، أو المعالجة الإعجازية على الريكي والعلاج البراني إشارة إلى أن المعالج يملك قدرات خفية تمكنه من تحقيق معجزة الشفاء إلا أن هذا وكما أشرنا سابقا، متاح لكل أحد وملخص ذلك أن المعالج بإمكانه حسب زعمهم اندماج مع قوة خفية تسمى "تشي-كي- برانا" ليتمكن بعد ذلك من معالجة مختلف الأمراض اعتمادا على يديه في الغالب والتي يسيطر من خلالها على دخول هذه الطاقة أو خروجها، ويسمى من يمتلك ذلك بــــ"الماستر، والقراند ماستر" وعند المتصوفة فإن من بلغ منزلة الولاية فإنه يملك القدرة على معالجة مختلف الأمراض ومنها إبراء الأكمه والأبرص بدعوى أن الله قد سخر لهم الجن والإنس، والريح، والملائكة، وجميع ما في العوالم بأسرها[3].
  3-الاستغاثة بالأولياء والغائبين، فأهل الطرق الصوفية يعدون الاستغاثة بالأولياء كقولهم يا عبد القادر الجيلاني أو يا أحمد التيجاني علاجا للأمراض، كما أن طلب العون من الملائكة أو أرواح المعلمين، يعد أحد الوسائل المساعدة على الشفاء عند من يعالجون بالريكي أو البرانا، وقد تقدم معنا حكم الاستعانة والاستغاثة بالأموات وغير القادرين وكونه من الشرك.
  4-علاقة المريد بالشيخ عند الصوفية شبيه بعلاقة المتدبر بمعلم الريكي، من حيث الاعتقاد ببركته، أو امتلاكه للقدرات الخاصة والخارقة، أو حتى بالتواصل معه بعد موته كما عند بعضهم.
  5-تختص "القوة الروحية" التي ينسب إليها تحقيق الشفاء الخارق عند بعض الطرق الصوفية بعدد من الخصائص، والتي سيتضح من خلال استعارضها أنها تشترك مع الخصائص المدعاة للطاقة الكونية أو الحيوية "تشي-برانا-كي" والتي يتم من خلالها العلاج عند المختصين بالريكي والعلاج البراني، ومن أبرز هذه الخصائص[4]:
  -أن "القوة الروحية" طاقة لا مادية، لا يمكن تلمس حقيقتها بالحواس أو الأجهزة المختبرية، وهذا هو ما تصوف به "الطاقة الكونية، تشي-برانا" ومعرفة حقيقة هذه القوة لا تكون إلا بالطرق الروحية فعند المتصوفة تكون بسلوك ما يسمونه الطريقة، ليحصل التعرف عليها عن طريق الكشف والفيض الروحي على السالك، كما أن التعرف على حقيقة العلاج البراني يتم من خلال "الاستبصار": كما سبق الإشارة إلى ذلك في موضعه-وهو مرادف لمفهوم الكشف.
  -أن هذه القوة الروحية واحدة في ذاتها متعددة في خصائصها الشفائية، فبها يمكن معالجة جميع الأمراض، وهذا ذات ما يدعيه المعالجون ب"الطاقة الكونية، تشي-برانا".
  -أنها قوة خارجية وليست ذاتية فهي تأتي إلى المريد الصوفي والمعالج بالريكي والبرانا من الخارج.
  -أن انتقال هذه القوة لا يؤثر فيه عامل المكان أو الزمان، فانتقال هذه القوة لا يؤثر فيه بعد المكان أو قربه، وهذا هو نفسه ما يسمى إرسال طاقة الشفاء أو العلاج عن بعد عند المعالجين بطاقة الريكي والبرانا.
  وقد تبين من خلال الاستعراض السابق وجود أوجه من التشابه بين  الفكر التصوفي، وبين الريكي والعلاج البراني، وهذا يعود إلى كونهما نتاج بيئة ذات طابع تصوفي، مما اسهم بلا شك في انتقال هذين النوعين من العلاج من موطنهما إلى مواطن أخرى تتبنى التصوف.
  بل إن إحدى الطرق الصوفية وهي :" مير"[5]، تعتبر "التشي"-وهو مرادف الكي والبرانا- وتعده من فروع العلاج الصوفي، وتشير إليه ب(Mir Suti Chi) وترمز له برمز "الين واليانغ" وهو الشعار المستخدم للديانة الطاوية[6]، مع إضافة عبارة "هو" بداخله، انظر رسم 10-وهي عبارة شائعة عند الصوفية ولها دلالتها الباطنية، وكتابتها باللغة العربية قد يعود إلى كون مشايخ الطريقة ممن ينتسبون إلى الإسلام.
 
الهوامش:
[1] انظر: البوذية وعلاقة الصوفية بها، عبد الله نومسك (505).
[2] انظر: خوارق الشفاء الصوفي والطب الحديث، نهرو الشيخ محمد الكسنزان (65).
[3] انظر: تقديس الأشخاص في الفكر الصوفي عرض وتحليل على ضوء الكتاب والسنة، محمد أحمد لوح (146-148).
[4] انظر: خوارق الشفاء الصوفي والطب الحديث (66).
[5] يرجع تأسيس مير الصوفية إلى الإيرانين مير على طالب، وتلميذه: مير محمود هديان، هاجرا من إيران إلى بريطانيا منذ عام (1970م) بعد ذلك بدأ بتشكيل طريق مير الصوفية وهو كغيرها من الطرق الصوفية تسعى إلى بلوغ ما يسمى بالإشراق، أو الاتحاد مع الحبيب أي "الله" على حد زعمهم، ويتميزون عن غيرهم من الطرق بالجميع بين تعاليم التصوف الشرقية والغربية ومن هنا ظهرت" مير تشي، ومير يوغا" تصفح  www.mirsufi.org.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
العلاقة بين أنواع العلاج بالطاقة "الريكي-العلاج البراني" والفكر الصوفي doc
العلاقة بين أنواع العلاج بالطاقة "الريكي-العلاج البراني" والفكر الصوفي pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى