استحالة التوفيقِ بينَ الشرعيةِ الإسلاميةِ وَبينَ بعضِ أشكال العلاجِ بالطاقةِ

استحالة التوفيقِ بينَ الشرعيةِ الإسلاميةِ وَبينَ بعضِ أشكال العلاجِ بالطاقةِ






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛
وَيظهرُ هذا عندَ بعضِ المسلمين الذي يرجونَ للعلاجِ بالطاقةِ، محاولين الربطَ بينهما ببعضِ الشعائر الإسلاميةِ كالرقيةِ الشرعيةِ، وَهذَا مِنَ الجهلِ وَالكذبِ على اللهِ؛ قَالَ تعالى: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 144].

      إذْ ليسَ بينهما تشابهٌ، وَهما يفترقان في الأصولِ وَالتطبيقاتِ، وَلا يمكنُ إسقاطُ رؤى فلسفيةٍ أنتجَها العقلُ على شعائر إسلاميةٍ نَصَّ عليها الوحيُ.

وَمِنْ ذلك محاولةُ الربطِ بينَ الأنواع المختلفةِ للعلاجِ بالطاقةِ وَبينَ الرقيةِ الشرعيةِ، لوجودِ بعضِ التشابهِ؛ كاشتراكِهما فِي استخدامِ اليدين، مع أنَّ هذا لا يعني وجود تشابهٍ بينهما، فضلًا على أنْ يستدلَ به على إمكانيةِ صحةِ العلاجِ بالطاقةِ، أو جواز اتخاذِها سببًا للاستشفاءِ.

ووجودُ التشابهِ فِي بعضِ التفاصيل بينَ أمرين لا يعني التشابهَ فِي المضمونِ أو التساوي في الحكمِ، فالماءُ يُشْرَبُ كمَا أنَّ الخمرَ يُشْرَبُ، ولكلٍّ منهما مضامين وَأهدافٌ وَأحكامٌ تَخْتَلِفُ عن الآخر، على الرغمِ مِنْ كونِهما يشتركان في بعضِ الخصائص.

فإنْ كانت الرقيةُ تشتركُ معَ العلاجِ بالطاقةِ في الخصائص وَالوسائل كمَا يزعمون - مع استحالةِ هذا الادعاء -، فلماذا لا يَلْزَمُونَ الرقيةَ الشرعيةَ وَيَدَعُونَ الشبهةً فيما سواها؟!

ومما يدخلُ فِي محاولةِ التوفيقِ بينَ الشريعةِ الإسلاميةِ وَممارساتِ العلاجِ بالطاقةِ: الادعاءُ بأنَّ لكلِّ اسمٍ مِنْ أسماءِ اللهِ الحسنى طاقةً علاجيةً تختصُّ بِهِ، وَأنَّ ترديدَه يسهمُ في علاجِ الأمراضِ، فاسمُ العظيمِ مثلًا يعالجُ مرضَ كذا، واسمُ الرحيم يعالجُ مرضَ كذَا!!

وَهذَا مِنَ القولِ على اللهِ سبحانه بغيرِ دليلٍ وَلَا علمٍ، وَتأويلُ أسمائِه سبحانه بما لمْ تدل عليه، وهذا العملُ باطلٌ؛ (لأنَّه مِنَ الإلحادِ فِي أسماءِ اللهِ، وفيه امتهانٌ لها، لأنَّ المشروعَ فِي أسماءِ اللهِ دعاؤه بها؛ كَمَا قَالَ تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 180].

      وَإثباتُ ما تتضمنُه مِنَ الصفاتِ العظيمةِ للهِ؛ لأنَّ كلًّا منها يتضمنُ صفةً للهِ عز وجل، وَلَا يجوزُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي شيءٍ مِنَ الأشياء غير الدعاءِ بها إلَّا بدليلٍ مِنَ الشرعِ، وَالزعمُ بأنها تفيدُ كذا وَكذا، أوْ تعالجُ كذا وكذا بدونِ دليلٍ مِنَ الشرعِ قَوْلٌ على اللهِ بلا علمٍ)([1]).

وصورُ محاولةِ التوفيقِ هذه، أوْ ما يُسمى "الأسلمة" لتطبيقاتِ الاستشفاءِ بالطاقةِ كثيرةٌ، لوْ استعرضنَاها لطالَ بنا المقامُ، وَحَسْبُنَا أنها محاولةٌ يائسةٌ للترويجِ لفكرٍ جاهلي لا يستندُ إلى دليلٍ علمي، وَلَا إلى دليلٍ شرعي، وَمَا يترتبُ على ذلكَ مِنْ قَوْلٍ على اللهَ بِلَا علمٍ، وَتكييف وَتأويل للنصوصِ بما يتوافقُ مع فلسفاتٍ وضعيةٍ.

 



([1]) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، (2/412-415).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
استحالة التوفيقِ بينَ الشرعيةِ الإسلاميةِ وَبينَ بعضِ أشكال العلاجِ بالطاقةِ.doc doc
استحالة التوفيقِ بينَ الشرعيةِ الإسلاميةِ وَبينَ بعضِ أشكال العلاجِ بالطاقةِ.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى