شمولية العبادة

شمولية العبادة




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ نلحظ من خلال تعريف العبادة وأنواعها أن العبادة تستوعب كل أنواع القربات والطاعات التي يحبها الله تعالى، كما أنها شاملة لكل أعمال المؤمن إذا نوى بها القربة أو ما يعين عليها، فإن من كان مقصوده ومراده عبادة الله وحده لا شريك له، وابتغاء مرضاته، فإنه يثاب على المباحات التي يقصد بها الاستعانة على الطاعة كالنفقة والنوم والأكل ونحو ذلك.
فمن أكل الطيبات بنية الاستعانة على عبادة الله تعالى وطاعته فهو مأجور مثاب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " نفقة الرجل على أهله يحتسبها صدقة"[1]، وقال صلى الله عليه وسلم: " الأعمال بالنية، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه"[2].
مفاهيم غير صحيحة للعبادة:
من خلال ما سبق عرضه يتضح لك المعنى الصحيح للعبادة، وأنها تشمل كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال المشروعة في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، كما أن العبادة تعم جميع مجالات الحياة المتنوعة، سواء العبادات المحضة كالصلاة والصيام، أو غير المحضة كالمعاملات والبيع والشراء، أو البحث العلمي والاكتشافات والمخترعات النافعة وغيرها إذا قصد بها وجه الله.
وإذا تقرر ذلك:
-            فإن أقوامًا يعبدون الله تعالى وفق أهوائهم، فيحدثون عبادات لا دليل عليها، كأن يصلون صلاة لم يأذن بها الله تعالى، أو يذكرون الله تعالى بما لم يشرع وهذا ونحوه من البدع، فإن العبادات توقيفية، فنقف ونلتزم بما جاء به الدليل، فلا يعبد الله تعالى إلا بما شرعه في كتابه أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما لم يكن مشروعًا فهو بدعة مردودة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد[3]"، أي مردود عليه عمله فلا يقبل منه، فيجب اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، وترك الإحداث والابتداع في دين الله تعالى.
-            كما انحرف آخرون فحصروا العبادة في الشعائر الظاهرة كالصلاة والحج ونحو ذلك، وأقصوا العبادة عن كثير من ميادين الحياة كالمعاملات والسياسة والاقتصاد وغير ذلك، مع أن الدين كله عبادة، وهو يستوعب كل ميادين الحياة، فيجب على الخلق أن يعبدوا الله تعالى وأن يستسلموا لشرعه في جميع الأمور، كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 208]، أي في جميع شرائع الدين، فلا يتركوا منها شيئًا.

الهوامش:

[1] رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، رقم الحديث: (53)

[2] رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، رقم الحديث: (54).

[3] رواه البخاري، كتاب البيوع، باب النجش، ومن قال "لا يجوز ذلك البيع"، رقم الحديث: (2142).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
شمولية العبادة.doc doc
شمولية العبادة.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى