الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد، فينبغي أن يهتبل وقت استيقاظه من الليل بالذكر والصلاة والدعاء، إن تيسر له ذلك.
قال البخاري في صحيحه: "باب فضل من تعار من الليل فصلى"، ثم أخرج من طريق: الأوزاعي، قال: حدثني عمير بن هانئ، قال: حدثني جنادة بن أبي أمية، حدثني عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تعار من الليل، فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا، استجيب له، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته"[1].
وقوله: تعار قال البغوي: أي: استيقظ من النوم، وأصل التعار: السهر والتقلب على الفراش، وقيل: إن التعار لا يكون إلا مع كلام أو صوت، مأخوذ من عرار الظليم، وهو صوته، والظليم: ذكر النعام.
فائدة:
قال في إبراز الأماني من حفظ المعاني: "قال الخطيب البغدادي: أجود أوقات الحفظ الأسحار، ثم نصف النهار، ثم الغداة.
وحفظ الليل أنفع من حفظ النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع.
وأجود أماكن الحفظ كل موضع بعد عن الملهيات، وليس الحفظ بمحمود بحضرة النبات والخضرة، وقوارع الطرق؛ لأنها تمنع خلو القلب.
وينبغي أن يغتنم التحصيل في وقت الفراغ والشباب، وقوة البدن، واستراحة الخاطر، وقلة الشواغل قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة، فقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «تفقهوا قبل أن تسودوا».
وقال الشافعي - رضي الله عنه -: «تفقه قبل أن ترأس، فإذا ترأست فلا سبيل لك إلى التفقه».
ويكتب كل ما سمعه، ثم يواظب على حلقة الشيخ، ويعتني بكل الدروس، فإن عجز اعتنى بالأهم وينبغي أن يرشد رفقته وغيرهم إلى مواطن الاشتغال والفائدة، ويذكرهم أهم ما استفاده: على جهة النصيحة والمذاكرة، وبإرشاده يبارك له في علمه، وتتأكد المسائل معه مع جزيل ثواب لله تعالى.
ومن فعل ضد ذلك كان بضده، فإذا تكاملت أهليته، واشتهرت فضيلته، اشتغل بالتصنيف، وجد في الجمع والتأليف والله الموفق[2].
الهوامش:
الهوامش:
[1] صحيح البخاري(1154).
[2] إبراز الأماني في حفظ المعاني(1/775).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.