ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله أمده بالملائكة في غزواته

ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله أمده بالملائكة في غزواته





الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله أمده بالملائكة في غزواته
في غزوة بدر الكبرى:
قال الله تعالى: { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} [آل عمران: 123 - 126].
وقال تعالى: { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: 12].
وروى الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنه قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه، فإذا هو قد خطم أنفه، وشق وجهه كضربة السوط، فجاءه الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم:" صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة"[1].
وأخرج الحاكم في المستدرك وصححه عن أبي أمامة بن سهل قال: قال لي أبي: يا بني لقد رأيتنا يوم بدر، وإن أحدنا ليشير بسيفه إلى رأس المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه[2].
وروى الإمام البخاري في صحيحه عن رفاعة بن رافع عن أبيه، وكان أبوه من هل بدر: قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟
قال صلى الله عليه وسلم:" من أفضل المسلمين"-أو كلمة نحوها- قال: وكذلك من شهد بدرا من الملائكة[3].
في غزوة أحد:
روى الشيخان في صحيحهما عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض، كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد.
زاد الإمام مسلم في روايته عنه رضي الله عنه قال: يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام[4].
في غزوة الأحزاب:
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: 9]. 106
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية:" ولولا أن جعل الله رسوله رحمه للعالمين، لكانت هذه الريح عليهم أشد من الريح العقيم على عاد، ولكن قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: 33]، فسلط عليهم هواء فوق شملهم، كما كان سبب اجتماعهم من لاهوى، وهو أخلاط من قبائل شتى، أحزاب وآراء، فناسب أن يرسل عليهم الهواء الذي فرق جماعتهم، وردهم خائبين خاسرين بغيظهم وخنقهم، لم ينالوا خيرا لا في الدنيا، مهما كان في أنفسهم من الظفر والمغنم، ولا في الآخرة بما تحملوه من الآثام في مبارزة الرسول صلى الله عليه وسلم بالعداوة، وهمتهم بقتله، واستئصال جيشه، ومن هم بشيء، وصدق همه بفعله، فهو في الحقيقة كفاعله[5].
في غزوة حنين:
قال تعالى: { لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ } [التوبة: 25، 26].
وروى الإمام الذهبي في السيرة النبوية بسند جيد عن عبد الرحمن مولى أم برثن، عمن شهد حنينا كافرا، قال: لما التقينا والمسلمون لم يقوموا لنا حلب شاة، فجئنا نهش سيوفنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إذا غشيناه إذا بيننا وبينه رجال حسان الوجوه، فقالوا: شاهت الوجوه، فارجعوا، فهزمنا[6].
وروى الإمام أحمد في مسنده والطيالسي في مسنده بسند حسن لغيره عن يعلي بن عطاء قال: فحدثني أبناؤهم، عن أبائهم، أنهم قالوا: وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الحديد، فهزمهم الله[7].
ملاحظة عامة:
لم تقاتل الملائكة في غزوة قط إلا في غزوة برد الكبرى، وإنما كان نزولها في أحد، والخندق، وحنين لتخويف الكفار، وإلقاء الرعب في قلوبهم.
روى ابن إسحاق في السيرة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم تقاتل الملائكة في يوم سوى بدر من  الأيام، وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون[8].
 
الهوامش:

[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب الإمداد بالملائكة يوم بدر، رقم (1763).

[2] أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر مناقب سهل بن حفيف، رقم(5790).

[3] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدرا، رقم (3992).

[4] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا } [آل عمران: 122]، رقم(4054)، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب في قتال جبريل وميكائيل عن النبي صلى الله عليه ومسلم يوم أحد، رقم(2306).

[5] أنظر: تفسير ابن كثير (6/395).

[6] أورد ذلك الإمام الذهبي، في سيرته (2/202)، وجود إسناده.

[7] أخرجه الإمام أحمد في مسنده رقم (22467)، والطيالسي في مسنده رقم (1468).

[8] انظر:سيرة ابن هشام (2/245).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله أمده بالملائكة في غزواته.doc doc
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الله أمده بالملائكة في غزواته.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى