من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن التوراة والإنجيل بشرتا به وبأصحابه

من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن التوراة والإنجيل بشرتا به وبأصحابه



من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن التوراة والإنجيل بشرتا به وبأصحابه

قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: وهذه صفة محمد صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء بشروا أممهم ببعثه، وأمروهم بمتابعته، ولم تزل صفاته موجودة في كتبهم يعرفها علماؤهم وأحبارهم[1].

وروى الإمام البخاري في صحيحه عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: "يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا[2] للأميين[3]، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ[4] ولا سخاب[5]في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء[6] بأن يقولو: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعين عمي، وآذان صم، وقلوب غلف"[7].

وقال الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: 29].

قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: هذا مثل ضربه الله تعالى لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون ويكثرون، فكان النبي صلى الله عليه وسلم حين بدأ بالدعاء إلى دينه ضعيفا، فأجابه الواحد بعد الواحد حتى قوى أمره، كالزرع يبد بعد البذر ضعيفا، فيقوى حالا بعد حال حتى يغلظ ساقه وأفراخه، فكان هذا من أصح مثل، وأوضح بيان[8].

 



[1] انظر: تفسير ابن كثير (3/483).

[2] قل الحافظ في الفتح(9/560)، حرزا بكسر الحاء وسكون الراء أي حصنا.

[3] قال الحافظ في الفتح(9/560): الأميين: أي العرب.

[4] قال الحافظ في الفتح(9/560)، قوله: ليس بفظ ولا غليظ، موافق لقوله تعالى في سورة آل عمران: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، ولا يعارض قوله تعالى في سورة التوبة: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التوبة: 73]، لأن النفي محمول على طبعه الذي جبل عليه، والأمر محمول على المعالجة، أو النفي بالنسبة للمؤمنين والأمر بالنسبة للكفار والمنافقين كما هو مصرح به في نفس الآية.

[5] قال الحافظ في الفتح(5/74)(9/561)، ولا سخاب: كذا فيه بالسين وهي لغة أثبتها القراء وغيره، وبصاد أشهر، ومعناها: رفع الصوت بالخصام، ويستفاد من أن دخول الإمام الأعظم السوق لا يحط من مرتبته لأن النفي إنما ورد في ذم السخب فيها لا عن أصل الدخول.

[6] قال الحافظ: في التفح(5/75): أي ملة العرب، ووصفها بالعوج لما دخل فيها من عبادة الأصنام، والمراد بإقامتها أن يخرج أهلها من الكفر إلى الإيمان.

[7] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب كراهية السخب في الأسواق، رقم(2125)، وأخرجه في كتاب التفسير، باب: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [الفتح: 8]، رقم (4838).

[8] انظر: تفسير القرطبي (19/345).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن التوراة والإنجيل بشرتا به وبأصحابه.doc doc
من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن التوراة والإنجيل بشرتا به وبأصحابه.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى