ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم

ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛
فمن خصائصه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم، وخص صلى الله عليه وسلم بالقرآن الكريم، وأنه كتاب معجز، ومحفوظ من التبديل والتحريف على مر الدهور، وجامع لكل شيء، ومستغن عن غيره، ومشتمل على ما اشتملت عليه جميع الكتب وزيادة، وميسر للحفظ، ونزل منجما، ونزل على سبعة أحرف.
قال الله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: 88].
وقال تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت: 41، 42].
وقال تعالى: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89].
وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان:32، 33].
قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآيات: وفي هذا اعتناء كبير، لشرف الرسول صلوات الله وسلامه عليه، حيث كان يأتيه الوحي من الله بالقرآن صباحا ومساء، ليلا ونهارا، سفرا وحضرا، فكل مرة كان يأتيه الملك بالقرآن كإنزال كتاب مما قبله من الكتب المتقدمة، فهذا المقام أعلى وأجل، وأعظم مكانة من سائر إخوانه من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله، ومحمد، صلوات الله وسلامه عليه، أعظم نبي أرسله الله وقد جمع الله تعالى للقرآن الصفتين معا، ففي الملأ الأعلى أنزل جملة ن اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك إلى الأرض منجمًا بحسب الوقائع والأحداث[1].
روى الإمام النسائي في السنن الكبرى والحاكم في المستدرك بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة، قال: { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}، وقال: { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}[2].
وروى الشيخان في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من الأنبياء من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي[3]، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة"[4].
قال الإمام النووي: "معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعمارهم، ولم يشاهدها إلا من حضرها بحضرتهم، ومعجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -وهي القرآن- مستمرة إلى يوم القيامة مع خرق العادة في أسلوبه وبلاغته، وإخباره بالمغيبات، وعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بسورة من مثله مجتمعين أو متفرقين في جميع الأعمار، مع اعتنائهم بمعارضته، فلم يقدروا وهم أفصح القرون مع غير ذلك من وجوه إعجازه المعروفة"[5].
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أن معجزته مستمرة إلى يوم القيامة:
واختص صلى الله عليه وسلم بأن معجزته مستمرة إلى يوم القيامة، وهي القرآن، ومعجزات سائر الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام انقرضت لوقتها.
وروى الشيخان في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما من الأنبياء من مني إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة"[6].
قال الإمام النووي: "معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعمارهم، ولم يشاهدها إلا من حضرها بحضرتهم، ومعجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -وهي القرآن- مستمرة إلى يوم القيامة مع خرق العادة في أسلوبه وبلاغته، وإخباره بالمغيبات، وعجز الجن والإنس عن أن يأتوا بسورة من مثله مجتمعين أو متفرقين في جميع الأعمار، مع اعتنائهم بمعارضته، فلم يقدروا وهم أفصح القرون مع غير ذلك من وجوه إعجازه المعروفة"[7].
قال أحمد شوقي رحمه الله:
جاء النبيون بالآيات فانصرمت                وجئتنا بحكيم غير منصرم
آياته كلما طال المدى جدد                    يزينهن جلال العتق والقدم
يكاد في لفظه منه مشرفة                       يوصك بالحق والتقوى وبالرحم
يا أفصح الناطقين بالضاد قاطبة               حديثك الشهد عند الذائق الفهم
 
الهوامش:

[1] انظر: تفسير ابن كثير(6/109).

[2] أخرجه النسائي في السنن الكبرى، رقم (7935)، والحاكم في المستدر (2934).

[3] قال الحافظ في الفتح(10/8): أي أن معجزتي التي تحديت بها: الوحي الذي أنزل علي، وهو القرآن لما اشتمل عليه من الإعجاز الواضح، وليس المراد حصر معجزاته فيه، ولا أنه لم يؤت من المعجزات ما أوتي من تقدمه، بل المراد أنه المعجزة العظمى التي اختص بها دون غيره.

[4] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل القرآن، باب كيف نزول الوحي، وأول ما نزل، رقم (4981)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع الناس، رقم (152).

[5] انظر: شرح صحيح مسلم بشرح النووي (2/162).

[6] سبق تخريجه.

[7] انظر: شرح صحيح مسلم بشرح النووي (2/162).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم.doc doc
ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى