من وسائل تزكية النفس: النوافل

من وسائل تزكية النفس: النوافل



النوافل باب عظيم من أبواب الخير، وميدان كبير للمسابقة في الطاعات، ونعمة عظمى أكرم اله بها عباده ليزدادوا منه تقربا ويحظوا بالرحمة والرضوان، ويزكو بها أنفسهم ويحيوا قلوبهم، ولقد جاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل قال: من عادى ل وليا فقد آذنت بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنفوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي بيصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سلني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه"[1].

فإذا أراد العبد أن يتقرب من مولاه وأن يغذي شجرة الإيمان في قلبه فليسارع إلى هذه النوافل، وليكثر منها ما استطاع، وليجاهد نفسه على ذلك، حتى تترقى تلك النفس وتصل إلى مقام تذوق حلاوة الإيمان، ويصبح إقبالها على هذه النوافل طبيعة وملكة، تجد فيها لأنس والراحة ولا تصبر على فراقها في حضر ولا سفر.

وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على عظيم فضل هذه النوافل، والمنزلة السامية التي يحظى بها أهلها وما يمنحهم الله تعالى من مضاعفة لأجر ورفع الدرجات،وأنها من أعظم التجارة الرابحة التي يكرم الله بها بالأجر الجزيل على العمل اليسير.

ففي فضل تلاوة القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29، 30].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "الم" حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف، وميم حرف"[2].

وفي فضائل الذكر والحث عليه قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152]، وقال سبحانه: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم"[3].

وفي فضائل الدعاء ومنزلته قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].

وقال تعالى: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم: إذا نكثر قال: الله أكثر"[4] أي: أكثر إحسانا مما تسألون، وفي روية للحاكم: "أو يدخر له من الأجر مثلها".

وفي فضائل قيام الله والثناء على أهله قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 15 - 18].

وقال سبحانه: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"[5].

كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية قيام الليل في استكمال شخصية المسلم وبلوغه مقامات القرب من ربه، وذلك حينما أرشد عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال:" نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل"، قال سالم بن عبد الله:" فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلا"[6].

 

الهوامش:

[1] رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب التواضع(7/190).

[2] رواه الترمذي في فضائل القرآن، رقم(2910)، وقال حسن صحيح.

[3] رواه البخاري في الدعوات، باب فضل التسبيح (7/168)، ومسلم في الذكر والدعاء، باب فضل التهليل والتسبيح، رقم (2694).

[4] رواه الترمذي في الدعوات، باب انتظار الفرج (3573)، وقال حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم (1/493)، ووافقه الذهبي.

[5] رواه مسلم، في الصيام، باب فضل صوم المحرم، رقم (1163).

[6] رواه مسلم في فضائل الصحابة (2479).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
من وسائل تزكية النفس: النوافل.doc doc
من وسائل تزكية النفس: النوافل .pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى