هل يجوز الاستشفاع بقبر النبي صلى الله عليه وسلم؟

هل يجوز الاستشفاع بقبر النبي صلى الله عليه وسلم؟



هل يجوز الاستشفاع بقبر النبي صلى الله عليه وسلم؟

يستدل المبتدعة بجوازِ الاستشفاعِ بالنبي صلى الله عليه وسلم بالإتيانِ إلى قبرِه وطلبِ الدعاء منه.

الرد:

أولًا: أنه لم يشرِّعه اللهُ تعالى، ولم يأمرْ به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقره، فهو بدعةٌ منكرةٌ، وقد قال الله تعالى: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُحْدَثَةٍ بدعة، وكلُّ بدعةٍ ضلالةٍ»([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «من أَحْدَثَ في أمرِنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ»([2]).

ثانيًا: هذا الفعلُ من أعظم الأسبابِ لاتخاذِ القبورِ مساجد، ومما يدل على النهي عنه ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة وعبد الله بن عباس – رضي الله عنهما - قالا: لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفِقَ يطرحُ خميصةً له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهِه، فقال وهو كذلك: «لعنةُ اللهِ على اليهودِ والنصارى اتخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجد»، يحذِّرُ ما صنعوا([3]).

ثالثًا: ولقد شدَّدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يُتخذَ قبرُه عيدًا، فقال: «لا تجعلوا بيوتَكم قبورًا ولا تجعلوا قبري عيدًا، وصلُّوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم»([4]).

رابعًا: لم يُنقل عن سلفِ الأمةِ الأبرار من الصحابةِ والتابعين لهم بإحسان، وهم - ولا شك - أفقه الناسِ بسُنةِ النبي صلى الله عليه وسلم، وأسبقُهم إليها، ولقد كان قبرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، فما كانوا يأتون إلى قبرِه يطلبونه أن يدعو الله تعالى، كما كانوا يستشفعون به في حياتِه، بل قد عدلوا إلى طلبِ الدعاءِ من غيرِه من الأحياء، كتوسلهم بالعباس t.

خامسًا: هذا يفضي إلى سؤالِ الميتِ الحاجات، وكشفِ الكربات، باعتبارِ أنه شافعٌ عند الله تعالى، ويفضي أيضًا إلى اعتقادات باطلةٍ، يُنسبُ فيها إلى الميتِ بعضُ صفات الربوبية، كعلمِ الغيبِ، والتصرفِّ في الكونِ، ونحو ذلك، فيصيرُ المرء إلى مناداته بطلبِ الدعاءِ من كلِّ مكان، من جوارِ قبرِه أو بعيدًا عنه([5]).



([1]) رواه أبو داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة، (4607)، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، (2676)، وابن ماجه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، (42)، وأحمد في المسند، ص(4/126).

([2]) رواه البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فهو مردود، (2697)، ومسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، (1718).

([3]) رواه البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في البيعة، (436)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور، (531).

([4]) رواه أبو داود، كتاب المناسك، باب زيارة القبور، (2042)، وأحمد في مسنده، (2/367)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

([5]) الصراع بين الإسلام والوثنية، لعبد الله القصيمي، ص(2/212)، وما بعدها.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
هل يجوز الاستشفاع بقبر النبي صلى الله عليه وسلم؟.doc doc
هل يجوز الاستشفاع بقبر النبي صلى الله عليه وسلم؟.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى