شبهة تمسُّح ابن عمر برمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم بجواز التبرك بقبره صلى الله عليه وسلم

شبهة تمسُّح ابن عمر برمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم بجواز التبرك بقبره صلى الله عليه وسلم






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعة بجواز التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم بتمسُّح ابن عمر رضي الله عنه برمانة المنبر ومقعد النبي صلى الله عليه وسلم منه([1]).

الرد:

أولًا: هذا المنقول عن ابن عمر رضي الله عنه رواه ابن سعد في الطبقات: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، قال: أخبرني ابن أبي ذئب عن حمزة بن أبي جعفر عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارئ، أنه نظر إلى ابن عمر وضع يده على مقعد النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه([2]).

و»حمزة بن أبي جعفر«، و»إبراهيم بن عبد الرحمن«، ذكرهما البخاري في "التاريخ الكبير"([3])، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"([4])، ولم يذكرا فيهما جرحًا ولا تعديلًا، إلا أن إبراهيم قد ذكره ابن حبان في الثقات([5])، فهذا ما ورد بشأن مسح رمانة المنبر، ولا يوجد فيه ذكرٌ للقبر ولا تمسُّح به.

ثانيًا: إن صحَّت تلك الروايات كلها، فهي محمولة على ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من التبرك بما مسَّ جسدُه صلى الله عليه وسلم وكان باقيًا، كتبركهم بالبُردة التي لبسها، وشربهم من موضع فِيْهِ، ونحو ذلك، فالرمانة كان يمسكها النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا، فأثره باقٍ عليها، أما بعد أن زالت فلا وجه للتبرك بما لم يمسه صلى الله عليه وسلم ولم يبقَ له فيه أثر؛ ولذلك قد سُئل الإمام أحمد - رحمه الله - عن التمسُّح بالقبر فأنكره، وقال: لا أعرف ذلك.

ثالثًا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: »وكَرِهَ مالكٌ التمسحَ بالمنبرِ، كما كرهوا التمسحَ بالقبرِ، فأما اليوم فقد احترقَ المنبرُ، وما بقيت الرمانةُ، وإنما بقي من المنبرِ خشبةٌ صغيرةٌ، فقد زال ما رُخِّصَ فيه، لأن الأثرَ المنقولَ عن ابنِ عمرَ وغيرِه إنما هو التمسحُ بمقعدِه«([6]).

رابعًا: ذلك معارضٌ لما نُقل عن عمرَ بن الخطابِ رضي الله عنه على استلامِه وتقبيلِه للحجر، وهو محض الاتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان هذا في شأن الحجر الأسود، وهو أفضل من رمانة المنبر ولاشك، فكيف بالرمانة وهي لم يُشرع لها تقبيلٌ ولا استلام.



الهوامش

([1]) مفاهيم يجب أن تصحح، المالكي، ص(231)، التبرك، الأحمدي، ص(151).

([2]) الطبقات الكبرى، ابن سعد، ص(1/254).

([3]) ترجمة إبراهيم في (1297)، وترجمة حمزة في (3/51).

([4]) ترجمة إبراهيم في (2/111)، وترجمة حمزة في (3/209).

([5]) الثقات، ابن حبان، ص(4/9).

([6]) اقتضاء الصراط المستقيم، ابن تيمية، ص(2/245).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
شبهة تمسُّح ابن عمر برمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم بجواز التبرك بقبره صلى الله عليه وسلم.doc doc
شبهة تمسُّح ابن عمر برمانة منبر النبي صلى الله عليه وسلم بجواز التبرك بقبره صلى الله عليه وسلم.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى