شبهة اعتبار تبرُّك الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته دليلًا على جواز التبرك بقبره

شبهة اعتبار تبرُّك الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته دليلًا على جواز التبرك بقبره






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعة بجواز التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم بتبرك الصحابة رضي الله عنهم به صلى الله عليه وسلم في حياته([1])، وقد جمعوا النصوص الدالة على ذلك، وهي كثيرة جدًّا، وقد تقدَّم طرفٌ منها.

الرد:

أولًا: إذا كان المعتبر هنا ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، فلماذا لا يَطَّرِدُ ذلك في جميع الاستدلال، فيستدل بما كانوا عليه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؟! وبالنظر إلى ذلك فإنهم رضي الله عنهم لم يكونوا يتبركون بقبره صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا يتقصَّدون الدعاء أو التعبد بشيء من العبادات عنده، بل إن المستقر عندهم النهي عن ذلك، كما رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه رأى أنس بن مالك رضي الله عنه يصلي إلى القبر فنبهه قائلًا: »القبر القبر، فَتَنَبَّه أنس رضي الله عنه وتجاوزَه«([2]).

ثانيًا: من ذلك ما جاء عن علي بن الحسين رضي الله عنه، أنه رأى رجلًا يجيءُ إلى فُرْجَةٍ كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو، فدعاه فقال: ألا أحدِّثُك بحديثٍ سمعتُه من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: »لا تتخذوا قبرِي عيدًا، ولا بيوتَكم قبورًا، وصلُّوا عليَّ فإن صلاتَكم تبلغُني حيثُ ما كنتم«([3]).

ثالثًا: التبرك بقبره صلى الله عليه وسلم لا دلالةَ عليه، ويبقى أنه ليس من المشروع في التبرُّك، بل هو منهيٌّ عنه.


الهوامش


([1]) مفاهيم يجب أن تصحح، المالكي، ص(139)، التبرك، علي الأحمدي، ص(13)، وما بعدها، الردود الشاملة، محمد إبراهيم سالم، ص(97).

([2]) ذكره البخاري في صحيحه تعليقًا في الصلاة، باب هل تنبش قبور المشركين ويتخذ مكانها مساجد، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ص(1/625): (والأثر المذكور عن عمر رويناه موصولًا في كتاب الصلاة لأبي نعيم شيخ البخاري، ولفظه: (بينما أنس يصلي إلى قبر، ناداه عمر: القبر القبر، فظن أنه يعني القمر، فلما رأى أنه يعني القبر جاز القبر وصلى)، وله طرق أخرى بينتهما في تعليق التعليق، منها من طريق حميد عن أنس نحوه، وزاد فيه: فقال بعض من يليني: إنما يعني القبر، فتنحيت عنه).

([3]) رواه ابن أبي شيبة في المصنف، (2/150)، ومن طريقه ابن أبي يعلي في مسنده، (1/361)، والقاضي إسماعيل بن إسحاق في فضل الصلاة على النبي r، ص(33)، و(20)، وقال الألباني في تحقيقه للكتاب: حديث صحيح بطرقه وشواهده.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
شبهة اعتبار تبرُّك الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته دليلًا على جواز التبرك بقبره.doc doc
شبهة اعتبار تبرُّك الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته دليلًا على جواز التبرك بقبره.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى