إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛
فقد ورد اسمه سبحانه (الخالق) في القرآن الكريم (8 مرات) بصيغة المفرد كما في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر: 24]، وقوله - عز وجل -: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3]، وقوله سبحانه: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: 62]، وغيرها من الآيات.
كما ورد اسمه سبحانه (الخالق) بصيغة التفضيل مرتين، كما في قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 23]، وقوله عز وجل : {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصافات: 125]، ومرة بصيغة الجمع كما في قوله تبارك وتعالى: {أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 59].
أما اسمه سبحانه (الخلاق)، فورد ذكره في القرآن الكريم (مرتين) وذلك في قوله سبحانه: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86]، وقوله جل وعلا: {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81]، و(الخلاق) اسم مبالغة من الخالق.
وهذان الاسمان الجليلان لا يجوز إطلاقهما بالألف واللام على غير الله تبارك وتعالى.
المعنى اللغوي لهذين الاسمين الكريمين:
قال في تهذيب اللغة: "والخلق في كلام العرب: ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه، وقال: أبو بكر الأنباري: الخلق في كلام العرب على وجهين: أحدهما الإنشاء على مثال أبدعه، والآخر: التقدير. وقال في قول الله عز وجل: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} معناه أحسن المقدرين، وكذلك قوله: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِن الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17]، أي: تقدرون كذبًا.
قلت: والعرب تقول : خلقت الأديم إذا قدَّرته وقسته لتقطع منه مزادةً أو قِربةً أو خُفًا"[1].
معناهما في حق الله عز وجل :
قال الخطابي: " (الخالق) هو المبدع للخلق المخترع له على غير مثال سابق، قال سبحانه: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3]. فأما في نعوت الآدميين فمعنى الخلق: التقدير كقوله - عز وجل -: {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ} [آل عمران: 49][2] أ.هـ.
والخلاق: من أفعال المبالغة من الخالق تدل على كثرة خلق الله تعالى وإيجاده، فكم يحصل في اللحظة الواحدة من بلايين المخلوقات التي هي أثر من آثار اسمه سبحانه الخلاق: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86]. واسمه سبحانه (الخالق والخلاق) مما أقرت به جميع الأمم مؤمنهم وكافرهم، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في معرض رده على من قال: أن اسم (الخالق) يثبت له سبحانه مجازًا.
"إنه ليس في المعلومات أظهر من كون الله: (خالقًا)، ولهذا أقرَّت به جميع الأمم - مؤمنهم وكافرهم- ولظهور ذلك؛ وكون العلم به بديهيًا فطريًا؛ احتجَّ الله به على من أشرك به في عبادته فقال: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزمر: 38]، في غير موضع من كتابه.
فعُلِمَ أن كونه سبحانه (خالقًا): من أظهر شيءٍ عند العقول، فكيف يكون الخبر عنه بذلك مجازًا؛ وهو أصل كلِّ حقيقةٍ، فجميع الحقائق تنتهي إلى خلقه وإيجاده، فهو الذي خلق وهو الذي علَّم، كما قال تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق 1-5].
فجميع الموجودات انتهت إلى خلقه وتعليمه، فكيف يكون كونه خالقًا عالمًا مجازًا؟ وإذا كان كونه خالقًا عالمًا مجازًا: لم يبق له فعلٌ حقيقة ولا اسمٌ حقيقة، فصارت أفعاله كلُّها مجازات، وأسماؤه الحسنى كلُّها مجازات... إلى قوله: فإن جميع أهل الإسلام متفقون على أن الله خالق حقيقة لا مجازاً، بل وعباد الأصنام وجميع الملل"[3].
وقد ذكر - رحمه الله تعالى - اسمه سبحانه (الخلاق) في نونيته حيث قال:"وكذاك يشهد أنه سبحانه الخلاق باعث هذه الأبدان"[4]
من آثار الإيمان باسمه (الخلاق)، (الخالق):
أولاً: الإيمان باسمه سبحانه (الخالق) يستلزم الإيمان بوحدانيته سبحانه وألوهيته وإفراده وحده بالعبادة. وهذا ما احتج به الله - عز وجل - على المشركين الذين يقرون بأنه الخالق الرازق وحده ثم هم يعبدون غيره ممن لا يخلق ولا يرزق ولا يحيي ولا يميت قال سبحانه: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الأعراف: 191]، وقال الله - عز وجل -: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [العنكبوت: 61].
ثانيًا: الإيمان باسمه سبحانه (الخالق) يورث المحبة الكاملة له - عز وجل - لأنه سبحانه الذي خلقنا وأنعم علينا بنعمة الإيجاد بعد أن لم يكن شيئًا مذكورًا ثم أمدنا سبحانه بما خلقه في هذا الكون من نعم وبما سخره لنا من مخلوقاته، وبما خلق في قلوب الأمهات والآباء من الرحمة والرعاية، وبما أمدنا به من السمع والبصر والأفئدة وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى. فحقيق بمن خلقنا وأوجدنا وربانا بنعمه أن يحب غاية الحب وأن يذل له غاية التذلل وهذان هما قطبا التعبد لله عز وجل.
ثالثًا: الإيمان باسمه سبحانه (الخالق) يدل على صفاته سبحانه الأخرى كالحياة والقدرة والعلم والإرادة والحكمة، إذ لا يمكن أن يكون خالقًا غير قادر ولا مريد ولا عالم بما خلق، أو أنه ليس له فيما خلق حكمة ولا علة؛ وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "من طرق إثبات الصفات وهو دلالة الصنعة عليها، فإن المخلوق يدلُّ على وجود خالقه، وعلى حياته وعلى قدرته وعلى علمه ومشيئته.
فإن الفعل الاختياري يستلزم ذلك استلزامًا ضروريًا، وما فيه من الإتقان والإحكام ووقوعه على أكمل الوجوه يدلُّ على حكمة فاعله وعنايته، وما فيه من الإحسان والنفع ووصول المنافع العظيمة إلى المخلوق يدلُّ على رحمة خالقه وإحسانه وجوده، وما فيه من آثار الكمال يدلُّ على أن خالقه أكمل منه، فمعطي الكمال أحقُّ بالكمال، وخالق الأسماع والأبصار والنطق أحقُّ بأن يكون سميعًا بصيرًا متكلمًا، وخالق الحياة والعلوم والقدر والإرادات أحقُّ بأن يكون هو كذلك في نفسه، فما في المخلوقات من أنواع التخصيصات هو من أدلِّ شيءٍ على إرادة الربِّ سبحانه ومشيئته وحكمته؛ التي اقتضت التخصيص، وحصول الإجابة عَقِيبَ سؤال الطالب على الوجه المطلوب دليلٌ على علم الربِّ تعالى بالجزئيات؛ وعلى سمعه لسؤال عبيده؛ وعلى قدرته على قضاء حوائجهم؛ وعلى رأفته ورحمته بهم، والإحسان إلى المطيعين والتقرُّب إليهم والإكرام وإعلاء درجاتهم يدلُّ على محبته ورضاه. وعقوبته للعصاة والظلمة وأعداء رسله بأنواع العقوبات المشهودة تدلُّ على صفة الغضب، والسخط، والإبعاد، والطرد. والإقصاء يدلُّ على المقت والبغض، فهذه الدلالات من جنسٍ واحدٍ عند التأمل.
ولهذا دعا سبحانه في كتابه عبادَه إلى الاستدلال بذلك على صفاته، فهو يُثبت العلم بربوبيته ووحدانيته؛ وصفات كماله بآثار صفته المشهودة، والقرآن مملوءٌ بذلك، فيظهر شاهد اسم (الخالق) من نفس المخلوق، وشاهد اسم (الرزاق) من وجود الرزق والمرزوق، وشاهد اسم (الرحيم) من شهود الرحمة المبثوثة في العالم، واسم (المعطي) من وجود العطاء - الذي هو مدار لا ينقطع لحظة واحدة - واسم (الحليم) من حلمه عن الجناة والعصاة وعدم معاجلتهم، واسم (الغفور والتوَّاب) من مغفرة الذنوب وقبول التوبة، ويظهر شاهد اسمه (الحكيم) من العلم بما في خلقه وأمره من الحكم والمصالح ووجوه المنافع. وهكذا كل اسم من أسمائه الحسنى له شاهد في خلقه وأمره يعرفه من عرفه ويجهله من جهله، فالخلق والأمر من أعظم شواهد أسمائه وصفاته، وكلُّ سليم العقل والفطرة يعرف قدر الصانع وحذقه وتبريزه على غيره؛ وتفرُّده بكمالٍ لم يشاركه فيه غيره من مشاهدة صنعته، فكيف لا تُعرف صفاتُ مَنْ هذا العالم العلويُّ والسفليُّ؛ وهذه المخلوقات من بعض صنعه.
إذا اعتبرت المخلوقات والمأمورات: وجدتها بأسرها كلَّها دالة على النعوت والصفات وحقائق الأسماء الحسنى، وعلمت أن المعطلة من أعظم الناس عمى بمكابرة، ويكفي ظهور شاهد الصنع فيك خاصة، كما قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21].
فالموجودات بأسرها شواهد صفات الربِّ جلَّ جلاله ونعوته وأسمائه، فهي كلُّها تُشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها، وتُنادي عليها وتدلُّ عليها، وتُخبر بها بلسان النطق والحال، كما قيل:
تأمَّل سطور الكائنات فإنها من الملك الأعلى إليك رسائلُ
وقد خطَّ فيها لو تأمَّلت خطَّها ألا كلُّ شيٍ ما خلا الله باطلُ
تُشير بإثبات الصفات لربِّها فصامتها يهدي ومن هو قائلُ
فلست ترى شيئًا أدلَّ على شيءٍ من دلالة المخلوقات على صفات خالقها ونعوت كماله وحقائق أسمائه، وقد تنوَّعت أدلتها بحسب تنوُّعها، فهي تدلُّ عقلاً وحسًا وفطرة ونظرًا واعتبارًا"[5].
رابعًا: الإقرار بألوهية الخالق - عز وجل - وتقدمه على كل شيء وقد قرر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - ذلك بقوله: "إنه سبحانه متقدم على كل فرد من مخلوقاته تقدمًا لا أول له فلكل مخلوق أول والخالق سبحانه لا أول له فهو وحده الخالق وكل ما سواه مخلوق كائن بعد إن لم يكن"[6] وهذا قول الرسل جميعًا وأتباعهم خلافًا لقول زنادقة الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته وأنه لم يكن معدومًا أصلاً.
خامسًا: الإيمان باسمه سبحانه (الخالق) يستلزم الإيمان بحكمته سبحانه من هذا الخلق وأنه قائم على الحق وأنه سبحانه منزه عن العبث واللهو، وأنه لا بد من يوم يبعث فيه الخلق ويحاسبون، قال الله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون: 115 - 116]، وقال سبحانه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 16 - 18].
سادسًا: الإيمان باسمه (الخالق) يستلزم قبول شرعه، والحكم به، والتحاكم إليه، وعدم الرضا بغيره بديلاً؛ لأنه الشرع الصادر عن الخالق الحكيم العليم بخلقه ونوازعهم ومصالحهم فكان أحسن الشرع وأكمله وأصلحه: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].
سابعًا: الإيمان بأن الله سبحانه لم يزل خالقًا كيف شاء ومتى شاء ولا يزال، لقوله سبحانه: {كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} [آل عمران: 47]. وقوله: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 68]، وقوله سبحانه: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج: 15، 16].
وليس بعد خلق الخلق استفاد اسم (الخالق)، ولا بإحداثه البرية استفاد اسم (الباري)، وذلك من كماله، ولا يجوز أن يكون فاقدًا لهذا الكمال، أو معطلاً عنه في وقت من الأوقات، قال تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: 17]؛ [انظر الطحاوية ص 137].
ثامنًا: الإيمان بأنه سبحانه الخالق لكل شيء يقتضي الإقرار بعلم الخالق سبحانه بجزئيات خلقه كلها صغيرها وكبيرها، دقيقها وجليلها خلافًا لما كان يقوله زنادقة الفلاسفة الباطنيون أحفاد أرسطو وأفلاطون ومن أحسن الأدلة في الاحتجاج على إثبات علمه سبحانه بالجزئيات كلها، قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14].
تاسعًا: تعظيم الله - عز وجل - وتكبيره وإجلاله وذلك عند معاينة مخلوقاته العظيمة في الآفاق والأنفس لأن عظمة هذه المخلوقات ودقتها وانتظامها يدل على عظمة خالقها وإتقانه لما خلق، قال الله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل: 88]، وقال عز وجل: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك:3، 4].
وعظمة الله - عز وجل - تستلزم عبادته وحده لا شريك له، وتعظيم أوامره ونواهيه، وتعظيم حرماته وشعائره.
عاشرًا: الإيمان بعلوه سبحانه على خلقه ومباينته لهم، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "إن صفاته لا تحل في شيء من مخلوقاته كما أن مخلوقاته لا تحل فيه، فالخالق سبحانه بائن عن المخلوق بذاته وصفاته فلا اتحاد ولا حلول ولا ممازجة تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا"[7].
اقتران اسمه سبحانه (الخلاق) باسمه سبحانه (العليم):
ورد هذا الاقتران مرتين في كتاب الله - عز وجل - وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [الحجر: 86]، وقوله تعالى: {بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81]، وقد سبق بيان وجه الاقتران عند الكلام عن اسمه سبحانه (العليم) فليرجع إليه.
الهوامش:
[1] تهذيب اللغة للأزهري 7/25.
[2] شأن الدعاء ص 49.
[3] مختصر الصواعق المرسلة 2/328.
[4] النونية البيت رقم (3085).
[5] مدارج السالكين 3/355 - 356.
[6] شفاء العليل 1/208.
[7] مدارج السالكين 3/112.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.