الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعة على جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنه حي في قبره؛ حيث أنه أفضل من الشهداء وأعلى منزلة منهم، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169]، فهو صلى الله عليه وسلم حيٌّ من باب أولى، وما دام الأمر كذلك فما المانع أن يُسأل ويُطلب ويُستغاث به؟!([1])
الرد:
أولًا: حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره هي حياة أكمل من حياة الشهداء في قبورهم، ولكن هي ليست كحياته كما كان في الدنيا، بل هي حياة برزخية مع الرفيق الأعلى؛ قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في نونيته: (لو كان حيًّا حياةً دنيويةً فلماذا كان تحت الأرضِ، إذ سُنة الرحمنِ سبحانه أن يكون الحيُّ في الدنيا يعيشُ فوقها؟ ولماذا لا يُفْتِي أمتَه، ويفصلُ بينهم في المسائل التي اختلفوا فيها؟! ولِمَ لَمْ يأتِه الصحابةُ - رضوان الله عليهم - أو من بعدهم يشكون إليه بأسَ من اعتدى عليهم).
ثانيًا: ما يترتب على معنى تلك الحياة، فبعد أن تقرر معنى تلك الحياة التي يعيشها النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه، وأنها ليست كحياته الدنيوية كما كان فوق الأرض، فلا يشرع أن يُؤتى إليه ويُسأل ويُستغاث به؛ إذ أن ذلك من أشدِّ ما نهى عنه، وحذَّر أمتَه منه، ما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه وهو غلام، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((يا غلام إني أعلمُك كلمات: احفظ اللهَ يحفظْك، احفظ اللهَ تجدْه تجاهك، وإذا سألتَ فاسأل اللهَ، وإذا استعنتَ فاستعِنْ باللهِ...)([2]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.