شبهة قياس الذبح والنذر لغير الله على جواز إهداء الثواب للميت

شبهة قياس الذبح والنذر لغير الله على جواز إهداء الثواب للميت






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُّ المبتدعةُ في تجوز الذبحِ والنذرِ لغيرِ اللهِ تعالى مثل إهداء الثواب، وهم بذلك يحملون كل ما يقعُ من ذبحٍ ونذرٍ لغيرِ اللهِ تعالى على معنى إهداء ثواب ذلك إلى الميت، شأنُه شأنَ الوقفِ الذي يُوقف له، والصدقةِ التي تجري له، ويقولون: وإن كان الناذرُ يقول: (نذرتُ لفلان، وذبحتُ لفلان)، فإن في قوله مجازًا، ومرادُه: أني نذرتُ للهِ، وذبحتُ للهِ، على أن يكون ثوابه لفلان([1]).

ويستدلون لذلك بفعلِ النبي صلى الله عليه وسلم حين ذبحَ عن نفسِه وعن أهلِ بيته وعن أمته([2])، وكذلك ما ورد عن سعد بن عباده رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله إن أُم سعدٍ ماتت فأي الصدقةِ أفضل؟ قال: "الماء"، قال: فحَفَرَ بئرًا، وقال: هذه لأمِّ سعد([3]).

الرد:

أولًا: هناك فارقٌ بين من ينذرُ للميتِ ويذبحُ له، وهو متعلقُ القلبِ به، ناظرٌ إليه في تحصيلِ مطلوبه أو دفعِ مكروبِه، وبين من يهدي للميتِ ثوابًا وهو ينظرُ أنه محسنٌ إليه، متقربٌ إلى الله تعالى بوصله له.

ثانيًا: قياسُ جوازِ الذبحِ لغيرِ اللهِ بإهداء الثواب للميت، وإجراء الصدقةِ عنه قياسٌ مع الفارق، فالذي يوقِفُ لميتِه وقفًا، أو يتصدقُ عنه بأي صدقةٍ وهو يرجو له فيها الثواب من عند ربِّه سبحانه وتعالى، هل تراه يترقبُ بفؤادِه أن الميت يدفعُ عنه شدةَ نازلة به؟ كلا بل هو ناظرٌ إلى نفعِه في آخرته.

ثالثًا: أما استدلالُهم بقول سعد بن عباده رضي الله عنه هو من أفضل القربات، ولكن هل يُقال أن سعد رضي الله عنه أرادَ بذلك التقربَ لوالدتِه، أو رغبَ إليها في تحقيقِ مطلوبٍ ودفعِ مكروبٍ؟ فهذا قياسٌ خاطئ.

رابعًا: يقولُ الشيخ محمود الألوسي - رحمه الله -: (لا يخفى أنهم - المبتدعة - في دعواهم الأولى - أي: النذرَ للميتِ نفسِه رغبًا ورهبًا - أشبه الناسِ بعبدةِ الأصنامِ القائلين إنما نعبدهم ليقربونا إلى اللهِ زلفى، ودعواهم الثانية - إهداء الثوابِ للميتِ - لا بأس بها لو لم يطلبوا منهم بذلك شفاءَ مريضِهم، أو ردَّ غائبِهم أو نحوِ ذلك<([4]).



الهوامش

 ([1]) الردود الشاملة لمحمد إبراهيم سالم، (243)، الوهابية في الميزان لجعفر السبحاني، (131)، الوهابية دعاوي وردود لنجم الدين الطبسي، (198).

([2]) كما في حديث جابر رضي الله عنه قال: >>شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره وأتى بكبش فذبحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال: بسم الله والله أكبر هذا عني وعمن لم يضح من أمتي<<.

رواه أبو داود، كتاب الضحايا، باب في الشاة يضحي بها عن جماعة، (2810)، والترمذي، كتاب الأضاحي، باب العقيقة بشاة، (1521)، وابن ماجه، كتاب الأضاحي، باب أضاحي رسول الله صلى الله عليه وسلم، (3121).

([3]) رواه أبو داود، كتاب الزكاة، باب في فضل سقي الماء، (1681).

([4]) روح المعاني، (18/12).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
شبهة قياس الذبح والنذر لغير الله على جواز إهداء الثواب للميت.doc doc
شبهة قياس الذبح والنذر لغير الله على جواز إهداء الثواب للميت.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى