مدى صحة القول بأن النذر لغير الله محرم دون الشرك

مدى صحة القول بأن النذر لغير الله محرم دون الشرك






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدلُ المبتدعةُ بنفي أن يكونَ النذرُ والذبحُ لغيرِ اللهِ تعالى شركًا، بل هو محرمٌ دون الشرك، وأن النذرَ لغيرِ اللهِ تعالى نذرُ معصيةٍ لا يجوزُ الوفاءُ به، وكذلك الذبحَ لغيرِ اللهِ تعالى، هو محرمٌ لا يصلُ إلى حدِّ الشرك.

الرد:

أولًا: قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162، 163]، والنُّسُكُ في الآيةِ بمعنى الذبح([1]).

ثانيًا: قال الإمامُ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -: «فدليلُك قولهُم إن النذرَ لغيرِ اللهِ حرامٌ بالإجماعِ، فاستدللتُ بقولهم حرامٌ على أنه ليس بشرك، فإن كان هذا قدرَ عقلِك فكيف تدَّعِي المعرفةَ؟ يا ويلك! ما تصنعُ بقولِ اللهِ تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الأنعام: 151]، فهذا يدلُّ على أن الشركَ حرامٌ ليس بكفر؟!

يا هذا الجاهلُ الجهلَ المركبَ، ما تصنعُ بقولِ اللهِ تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33]، هل يدلُّ هذا التحريمُ على أنه لا يكفر صاحبُه؟ يا ويلك! في أي كتابٍ وجدتَه إذا قيل لك هذا حرامٌ إنه ليس بكفر؟!

فقولُك: إن ظاهرَ كلامِهم أنه ليس بكفرٍ كذبٌ وافتراءٌ على أهلِ العلم، بل يُقال: ذكر أنه حرام، وأما كونه كفرٌ فيحتاجُ إلى دليلٍ آخر، والدليلُ عليه أنه صرَّحَ في (الإقناع) أن النذرَ عبادةٌ، ومعلومُ أن (لا إله إلا الله) معناها: لا يعبد إلا الله، فإذا كان النذرُ عبادةً، وجعلْتَهَا لغيرِه كيف لا يكون شركًا»([2]).

ثالثًا: قال الشيخُ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله -: «كلامُ العلماء صريحٌ في المنعِ من صرفِ النذورِ لرفعِ القبورِ وتشييدِها، والبناءِ عليها، وفرشِها، وسترِها، وإيقادِ السُرُجِ عليها، وجعلِ السدنةِ لها، لما في ذلك من مضاهاةِ اليهودِ والنصارى والمشركين، وما تفعله عند أوثانها وأصنامها، وهذا مُجْمَعٌ عليه عند الفقهاء فيما نعلم.

وأما النذر لها فهو نذرُ معصيةٍ باتفاقِ العلماء، والمعصيةُ تصدق على العبادةِ للمنذورِ له، ومعلومٌ أن إخراجه على وجهِ القربةِ والتعظيمِ لأهلِ القبورِ عبادةٌ لهم وشركٌ، وتقرُّبٌ إلى غيرِ اللهِ، وشرعٌ لم يأذن به اللهُ»([3]).

 

الهوامش

 ([1]) جامع البيان للطبري، (5/8/112)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، (8/99)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير، (2/222).

([2]) مؤلفات الشيخ - الرسالئل الشخصية - الرسالة 34، (1/232).

([3]) منهاج التأسيس، ص(106).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
مدى صحة القول بأن النذر لغير الله محرم دون الشرك.doc doc
مدى صحة القول بأن النذر لغير الله محرم دون الشرك.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى