هل كثرة الواقعين في الاستغاثات من الأمة يعد إجماعًا على ذلك؟!
يستدلُّ المبتدعة بكثرةِ الواقعين في الاستغاثات من الأمة، وجعلهم هذا إجماعًا منها، والأمة لا تجتمع على ضلالة([1]).
الرد:
أولًا: الحقُّ في اتباع جماعة الحق والهدى، ولئن قلَّ بهم زمان أو مكان، فالنجاة في اتباع طريقهم ولو قلَّ السالكون، كما دلَّ عليه حديثُ حذيفة رضي الله عنه، وفيه: ((قلتُ: فما تأمُرُني إن أدرَكَني ذلك؟ قال: تَلْزَم جماعةَ المسلمين وإمامَهم، قلتُ: فإن لم يكن لهم جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قال: فاعتزِل تلك الفِرَقَ كلَّها ولو أن تعضَّ بأصلِ شجرةٍ، حتى يدركك الموتُ وأنت على ذلك))([2]).
ثانيًا: ليس معيار الحق هو الكثرة أو القلة، بل مردُّ ذلك إلى الآيات البينات، والحجج الظاهرات، ولقد أخبر اللهُ تعالى عن كثرة الناس الكاثرة التي أعرضت عن الإيمان والتوحيد؛ قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]، وقال تعالى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام: 116]، فالكثرة حين تفقدُ معنى الحق فلا يعبأ بها ولا يلتفت إليها.
ثالثًا: قال الفضيل بن عياض - رحمه الله -: (الزم طرقَ الهدى، ولا يضرُّكَ قلةُ السالكين، وإياك وطرق الضلالةِ، ولا تغترَّ بكثرةِ الهالكين)([3]).
([1]) الدرر السنية، ص(31)، الصواعق الإلهية، سليمان بن عبد الوهاب، ص(32)، شواهد الحق، النبهاني، ص(160-171)، وانظر: صيانة الإنسان، السهسواني، ص(303)، الصراع بين الإسلام والوثنية، القصيمي، (2/495).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.