شبهة الاستدلال باستغاثة هاجر عليها السلام أنها كانت بغائب لم تَرَه
يستدل المبتدعةُ بجوازِ الاستغاثةِ بقولِ هاجر - عليها السلام - زوجِ نبي اللهِ إبراهيم عليه السلام حين كانت تسعى بين الصفا والمروةِ، بعد أن انقضى الماءُ والطعامُ عنها وعن ابنها باحثة عن فَرَجٍ، فسمعت صوتًا فقالت: »أغِث إن كان عندك خير«([1])، وفي لفظ: »قد أسْمَعتَ إن كان عندك غواث«([2])؛ فقالوا: هذا استغاثة منها بغائبٍ لم تره، وهو دليلٌ على الاستغاثةِ بالأموات والغائبين.
الرد:
أولًا: أمُّ إسماعيلَ عليها السلام لم تستغِث بأحدٍ قبل سماعها لهذا الصوتِ، الذي هو بمثابةِ الحاضرِ لها، ولو كانت ممن يدعون الغائبين ويستغيثُ بهم؛ لفعلَتْ ذلك حين فني الماءُ عنها ورأت ابنها ينازعُ الموتَ، ولكنها قالت: »لو ذهبتُ فنظرتُ لعلي أحِسُّ أحدًا«.
ثانيًا: نداءُ هاجر عليها السلام للذي سَمِعَتْ صوتَه خرج مخرجَ نداءِ الحاضرِ، وهذا يدخل في الاستغاثةِ بالحي الحاضرِ، وهذا مشروعٌ شرعًا وعقلًا.
ثالثًا: هذه القصةُ دالةٌ دلالةً واضحةً أن هاجرَ عليها السلام لم تلتجئ إلى غائبٍ، ولم تدعُ نبيًّا، وإنما كان التجاؤها إلى اللهِ تعالى وحده، مع بذلِ السببِ الذي شرعه اللهُ تعالى من السعي في دفعِ البلاء.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.