الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد، فقد سلك السلف –رحمهم الله تعالى – طريقة متميزة ومنهجًا واضحًا في تلقي العقيدة، حيث يقوم على الأمور التالية:
الأول: التسليم التام، والانقياد الكامل لكل ما جاء عن الله تعالى في كتابه، وما صح عن رسوله صلى الله عليه وسلم، مع فهم هذه النصوص والعمل بها، والقيام بتعظيم هذه النصوص الشرعية وإجلالها، وعدم الاعتراض عليها بأي نوع من الاعتراض، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء: 65].
وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا}[الأحزاب: 36].
استحق المسلم أن يكون مسلمًا لانقياده وتسليمه لنصوص الكتاب والسنة، فهو مصدق بما أخبر الله سبحانه به من الغيب، مثل: البعث والنشور والجنة والنار، وهو منقاد ومتبع لشرع الله تعالى كالصلاة والصيام.
الثاني: الاحتجاج بكل ما صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فيجب على المسلم أن يقبل ويحتج بكل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان متواترًا أو آحادًا في الأحكام والعقائد.
تعريف خبر الآحاد: الحديث الذي يروية الواحد أو الاثنان فصاعدًا ما لم يبلغ حد التواتر.
الثالث: نصوص الكتاب والسنة لا تعارض الأدلة العقلية، فالنصوص الشرعية الصحيحة موافقة لما يقرره العقل السليم، والمراد بالعقل السليم ما كان سالمًا من الانحرافات والشبهات، وثابتًا بالتجربة والبرهان، فإذا وجد ما يوهم التعارض بين النص الشرعي الثابت وبين العقل، فعلينا أن ننقاد للنص الشرعي، لأن النص الشرعي ثابت صحيح، والعقل متغير، كما أن النص الشرعي معصوم ومحفوظ، والعقل ليس كذلك.
الرابع: أن الصحابة رضي الله عنهم أعلم الناس بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بالعقيدة، ولذا فتفاسيرهم للنصوص الشرعية حجة، فقد شاهدوا تنزيل القرآن الكريم، وعاشوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهم أصح الناس فهمًا للرسالة المحمدية، لاسيما وأن الصحابة رضي الله عنهم متفقون في أمور العقيدة ولم يختلفوا فيها.
الخامس: الاتباع وترك الابتداع في الدين فإن الابتداع من أعظم أبواب الضلال والفرقة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي، فإنه من يعش منكم ير اختلافًا كثيرًا، وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ)[1].
البدعة: كل محدثة في الدين من زيادة أو نقص.
الهوامش:
[1] أخرجه الترمذي، أبواب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، رقم (2676).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.