عقيدة وحدة الوجود عند جلال الدين الرومي مؤسس الطريقة المولوية

عقيدة وحدة الوجود عند جلال الدين الرومي مؤسس الطريقة المولوية





 
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد:
فسوف نذكر في هذا المقال البسيط نتفاً عن عقيدة جلال الدين الرومي أحد الصوفيين الذين كانت لهم صولة وجولة وأتباع ومريدون في المعمورة، وسوف ننظر في هذه العقيدة هل هي مما أمر الله عباده أن يدينون به ويعتقدون، أم أن هذه العقيدة مما أمر الله أن يكفر بها الإنسان ويحاربها.
يقول جلال الدين الرومي([1])، مؤسس الطريقة المولوية:
نَفْسي، أيها النور المشرق، لا تَنْء عني لا تَنْءَ عني
حبي، أيها المشهد المتألِّق، لاتَنْءَ عني لاتَنْءَ عني
انظرْ إلى العمامة أحكمتُها فوق رأسي
بل انظر إلى زنار زرادشت حول خصري
أحملُ الزنار، وأحمل المخلاة([2])
لا بل أحمل النور، فلا تَنْءَ عني، لا تَنْءَ عني
مسلمٌ أنا، ولكني نصراني وبرهمي وزرادشتي
توكلتُ عليك أيها الحق الأعلى، فلا تَنْءَ عني لا تَنءَ عني
ليس لي سوى معبدٍ واحد، مسجداً كان أو كنيسة أو بيت أصنام
ووجهك الكريم فيه غاية نعمتي، فلا تَنْءَ عني لاتَنْء عني([3])
* ملحوظات:
عقيدة وحدة الوجود هي التي ترى كل الأديان صحيحة؛ لأن كل المعبودات هي الله وكل شيء هو الله.
- ولنا أن ننتبه إلى قوله: (نفسي أيها النور المشرق لا تنء عني)، ثم سيره بخطابه لنفسه حتى يقول: (أيها الحق الأعلى لا تنء عني)، حيث نلاحظ أسلوباً جديداً في العبارة وتدرجها، ولننتبه إلى العبارة (لا تنء عني).
ويقول جلال الدين الرومي أيضاً:
مجهول أنا عند نفسي، بربك خبِّرني ما العمل
ولا بهذا الكون ولا ذاك، ولا في الجنة ولا النار موطني
ولا طردت من عدن ولا يزدان، ولا من آدم أخذت نسبتي
بل من مقام ما أبعده من مقام، وطريق خفي المعالم
تجردت عن بدني وروحي، فمن جديد أحيا في روح محبوبي([4]).
- ما يجب ملاحظته قوله: (من مقام ما أبعده من مقام، وطريق خفي المعالم)، وقوله: (فمن جديد أحيا في روح محبوبي).
ويقول أيضاً:
يظهر الجمال الخاطف كل لحظة في صورة، فيَحْمِلُ القلبَ ويختفي، في كل نفسٍ يظهر ذلك الصديق في ثوب جديد، فشيخاً تراه تارة وشاباً تارة أخرى... انظر إليه وقد خرج من طينة الفخار، وانتشر في الوجود، ظهر بصورة نوح وأغرق الدنيا بدعاء منه...وفي نهاية المطاف ظهر بصورة عربي، ودان له ملك العالم...ذلك الجميل فتان القلوب قد ظهر بصورة سيفٍ في كف علي، وأصبح البتَّار في زمانه، لا لا! بل هو الذي ظهر في صورة إنسان، وصاح أنا الحق، ليس (منصور) هو الذي صُلِبَ على الدار، ولو ظن الجاهلون خلاف ذلك([5])...اهـ. (منصور هو الحلاج).
ويقول: أنا سَرِقَة اللصوص، أنا ألم العصا، أنا السحاب وأنت الغيث، أنا الذي أمطرتُ في المروج([6])...
ويقول على لسان قطبٍ يخاطب البسطامي:
إن الله هو ما تراه فيَّ بعين قلبك؛ لأنه اختارني بيتاً له، فإذا رأيتَني فقد رأيته، وطفْتَ حول الكعبة الحنفية، وإذا عبدتَني فقد عبدتَه وسبَّحت له، فلا تظنَّ أنني شيء غيره([7]).
* ملحوظة: الكلام -وخاصة النص الأخير- واضح جدّاً.
وبعد: فهذه نتفق من عقيدة جلال الدين الرومي في وحدة الوجود، ولا يتسع المقام لذكرها كاملة، ولكن اللبيب تكفيه الإشارة.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.
اقتبس هذا المقال من كتاب: (الكشف عن حقيقة الصوفية لأول مرة في التاريخ) للمؤلف: (محمود عبد الرؤوف القاسم).


الهوامش

([1]) مؤسس الطريقة المولوية، بلخي انتقل إلى سيواس، ثم إلى تركيا، ومات في قونية سنة: (672هـ).
([2]) جملة (وأحمل المخلاة) يشير بها إلى الهندوسية، لأن البراهمة منهم يحملون المخلاة للاستجداء.
([3]) كتاب في التصوف الإسلامي وتاريخه، (ص:94).
([4]) في التصوف الِإسلامي وتاريخه، (ص:95).
([5]) في التصوف الِإسلامي وتاريخه، (ص:105)، (106).
([6]) فىِ التصوف الِإسلامي وتاريخه، (ص:152).
([7]) في التصوف الِإسلامي وتاريخه، (ص:157).

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى