الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ المطلوب في العيادة إنما هو نفس العيادة ليس إلا، فإن أتى العائدُ بشيء معه على سبيل الهدية أو المساعدة فلا بأس بذلك، بشرط صحة القصد وسلامة النية، أما إلزام العائد بالإتيان معه بشيء للمريض، واعتقاد أنه لابد منه؛ فهذا لم تَرِدْ به السنة النبوية.
فقد اعتبر الإمام ابن النحاس هذا العمل من البدع في الدين، فقال - رحمه الله - عند ذكر البدع التي أُحدثت في العيادة: (ومنها: أنه لابد وأن العائدَ يأتي معه بشيءٍ للمريضِ، سواء كان غنيًّا أو فقيرًا، فإن لم يفعلْ تُكُلِّم فيه وقُدِحَ بالبخل وقلةِ المروءةِ ونحو ذلك، وهذه بدعة لم ترِد بها السنةُ.
وهذا المريضُ لا يخلو من حالين: إما أن يكون فقيرًا محتاجًا، فدفعُ احتياجِه فرضُ كفاية على كلِّ قادرٍ من المسلمين، لا يختص ذلك بوقتِ العيادةِ ولا غيرها، وإن كان غنيًّا فلا وجه لذمِّ عائدِه على تركِ الهديةِ إليه في حالِ الضعفِ، ولا في غيرِه لعدمِ الاحتياج، مع أن الغالبَ في مثلِ هذا إنما يكونُ على سبيلِ المعاوضةِ والمقارضةِ، لا على سبيلِ الهديةِ والإعانةِ.
وقد يكون العائدُ إذ ذاك ضيقَ اليدِ، فيحتاج إلى كلفةٍ في تحصيلِ ما يأتي به المريضَ، أو يترك العيادةَ خوفًا من الملامة، ويعتذرُ عن ذلك بما أمكنه من كذبٍ أو تعريضٍ ونحو ذلك، وقد يؤدي ذلك إلى القطيعةِ بين الإخوان والأقارب، والمجازاة بترك العيادةِ عمدًا، ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد الدينيةِ والدنيويةِ، مع أن المطلوب إنما هو نفسُ العيادةِ ليس إلا، فإن أتى معه بشيءٍ على سبيلِ الهديةِ أو المساعدةِ لكونِ الضعيف قد حصلَ له ما يمنعه من الاكتسابِ أو شراءِ الحاجةِ ونحو هذا، فلا بأس بذلك بشرطِ صحةِ القصدِ، والله أعلم)([1]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.