الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ يستدل المبتدعة بجواز البناء على القبور والعكوف عندها، بالأحاديث الواردة في فضل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم والأمر بذلك([1])؛ ومن ذلك: ((من زارَ قبري وَجَبَتْ له شفاعتِي)).
الرد:
أولًا: لم يرِد حديثٌ صحيح في الأمر بزيارة قبره صلى الله عليه وسلم وتخصيص الترغيب في ذلك، وما ورد في ذلك فهو أحاديث موضوعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وما ذكره السائلُ من الأحاديث في زيارةِ قبرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فكلُّها ضعيفةٌ باتفاقِ أهلِ العلمِ بالحديثِ، بل هي موضوعةٌ، لن يخرج أحدٌ من أهلِ السننِ المعتمدةِ شيئًا منها، بل مالك إمامُ أهلِ المدينةِ النبويةِ الذين هم أعلمُ الناسِ بحُكمِ هذه المسألة كَرِهَ أن يقولَ الرجلُ: زُرْتُ قَبْرَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم)([2]).
ثانيًا: قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (ولم يثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم حديثٌ واحدٌ في زيارةِ قبرٍ مخصوصٍ، ولا روى أحدٌ في ذلك شيئًا، لا أهلُ الصحيحِ ولا أهلُ السننِ، ولا الأئمةُ المصنفون في المسندِ كالإمامِ أحمد وغيره)([3]).
ثالثًا: حكم الأحاديث:
o حديث: ((منْ زارَ قبرِي وجبتْ له شفاعتِي))، ممن ضعَّف الحديث: ابن عبد الهادي في "الصارم المنكي"([4])، والألباني في "إرواء الغليل"([5]).
o حديث: ((منْ حجَّ فزارَ قبرِي بعدَ وفاتِي فكأنما زارنِي في حياتِي))، قال ابن عبد الهادي: (حديثٌ مُنْكَرُ المتنِ، ساقطُ الإسنادِ، لم يصحِّحْهُ أحدٌ من الحفَّاظِ)([6]).
o حديث: ((من حجَّ البيتَ ولم يَزُرْني فقد جَفَاني))، أورده الشوكاني في "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة"([7])، والألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة"([8]).
o حديث: ((من حجَّ حجةَ الإسلامِ، وزارَ قبرِي، وغزا غزوةً، وصلَّى عليَّ في بيتِ المقدسِ، لم يسألْه اللهُ عز وجل فيما افترضَه عليه))، قال الحافظ ابن عبد الهادي: (هذا الحديثُ موضوعٌ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بلا شكٍّ ولا ريبٍ عند أهلِ المعرفةِ بالحديثِ)([9]).
رابعًا: ما رُوي في هذه الأحاديث فهي إما ضعيفة أو موضوعة، فلا حجةَ فيها لمستدلٍّ، كما سبق بيانُه في الوجه الأول([10]).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.