إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛
فإن من الصلوات البدعية صلاة قضاء الدين وهي مما أحدثه أهل البدع، ووضعوا للترغيب فيها أحاديث مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كحديث: من أصابه دين أربع ركعات؛ يصليها إذا زالت الشمس، ويقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة، وسورة الإخلاص، وآية الكرسي، فإذا سلم قرأ قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: 26]
ثم يدعو بقوله: يا فارج الهم، يا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، ارحمني رحمة واسعة تغنيني به عن رحمة من سواك، واقض ديني، فإن الله يقضي دينه. قال الشوكاني: في إسناده كذاب[1].
ولا يشك عاقل أن تلك الصلاة لم تكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، وإنما كان هديه عليه الصلاة والسلام إرشاد من ابتلي بدين إلى الأدعية النافعة بإذن الله، دون تخصيص صلاة بعينها.
جاء في جامع الترمذي عن علي رضي الله عنه أن مكاتبًا جاءه فقال: إني عجزت عن كتباتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صبر [2] دينا أداه الله عنك؟ قال: قل: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك"[3].
وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: "يا أبا أمامة، ما لي أراك في المسجد في غير وقت صلاة؟"، فقال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، فقال: "ألا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عزوجل همك، وقضى دينك"، قال: قلت: بلى يا رسول الله. قال: "قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال". قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله عزوجل همي، وقضى عني ديني[4].
قلت: هذا الحديث وإن كان ضعيفًا، إلا أنه قد ثبت عند البخاري من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال"[5].
الهوامش:
[1] "الفوائد المجموعة"، ص59، وتحفة الذاكرين، ص310، وانظر تذكرة الموضوعات، 1/53، تنزيه الشريعة، 2/334.
[2] وصبر – بفتح أوله وكسر ثانيه – اسم الجبل الشامخ العظيم المطل على قلعة تعز، وهو جبل باليمن، انظر "معجم البلدان" لياقوت الحموي (3/392)، ولكن في رواية أحمد "صبر" بالياء المثناة، وهو جبل في ديار طيء، فيه كهوف شبه البيوت، انظر: "معجم البلدان"، 3/438.
[3] أخرجه أحمد، 2/4387، (1319)، والترمذي (3563)، وصححه الألباني في الصحيحة، 266.
[4] أخرجه أبو داود، 1555، وضعفه الألباني.
[5] أخرجه البخاري، 6369.
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.