الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ ما من ريب أن الإسراء والمعراج من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة الدالة على صدقِ الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل، كما أنها من الدلائل على قدرةِ الله، وعلى علوه سبحانه على جميع خلقه، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]، وقد جاءت الأحاديثُ الصحيحة وتواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه عُرِجَ به إلى السماوات، وفُتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة، فكلَّمه ربُّه بما أراد([1])، وقد رأى صلى الله عليه وسلم من آيات ربه ما رأى، وهي من أكبر معجزاته صلى الله عليه وسلم.
وعلى الرغم من ذلك كله، فلم يأتِ في الأحاديث الصحيحة شيءٌ في تعيين ليلتها، وأما ما يُشتهر عند كثير من الناس أن حادثة الإسراء والمعراج كانت في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، ومن ثَمَّ يتخذون ذلك موسمًا للاحتفال بالإسراء والمعراج في كلِّ عامٍ مع صنعِ الأطعمةِ المختلفةِ لهذه المناسبة، وإحياء تلك الليلةِ بالعبادات من الصلاةِ والذكرِ والدعاءِ، وقراءةِ قصة المعراج، وإلقاءِ الخطبِ والوعظِ ونحو ذلك، فإن ذلك كله من البدع المحدثة التي ما أنزل الله بها من سلطان.
وقد أنكر أئمة الشافعية الاحتفال بهذه الليلة وما أُحدث فيها من البدع، وحذروا منها أشد التحذير، وبينوا بطلانها بالأدلة الواضحة، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
أولًا: لم يَرِدْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحدٍ من السلف الصالح، تخصيصُ ليلة السابع والعشرين من رجب بأنواع من العبادات بمناسبة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج، ومن الأصول الشرعية المقررة: أن التخصيص بغير دليل هو عين الابتداع في الشرع.
سُئِلَ الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي - رحمه الله - ما نصه: في حيدر آباد بالهند يسهر أكثر المسلمين في ليلة المعراج، وفي هذه الليلة يخطب الخطباء والواعظون في المساجد، ويجتمع المسلمون ويستمعون إلى الواعظين، ويهتمون طوال الليل بالنوافل، ويصلي بعضُهم صلاة العمر، ويصلون مائة ركعة ... وهكذا.
والبعضُ الآخر يصلي صلاةَ التسابيح جماعة، وبعضُهم يصلي صلاة الغوث متجهًا إلى بغداد، ويكبِّرون أربع تكبيرات للاستعانة بالشيخ عبد القادر الجيلاني، وهذه الصلاة مخصوصة للشيخ عبد القادر، وبعد الانتهاء من المحاضرات يُسلِّمون على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها بعض الألفاظ الشركية، ويعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر مجالسهم، ويقوم من في المجلس لاستقبالِه ... فما حكمُ اللهِ وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة؟
فأجاب - رحمه الله - بقوله: (أما الإسراءُ بالرسولِ صلى الله عليه وسلم، فقد ثبتَ بنصِّ القرآن المجيد، قال سبحانه: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1].
وأما المعراجُ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى إلى السماوات العلى، إلى مستوى سمعَ فيه صريفَ الأقلامِ([2])، فقد ثبتَ بالأحاديث الصحيحةِ الكثيرةِ في الصحيحين وفي غيرهما، كما أشارَ القرآنُ المجيدُ إلى ذلك في سورة النجم بقوله: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 13 - 18]، أي: رأى محمدٌ صلى الله عليه وسلم جبريلَ على خِلقتِه التي خلقَه اللهُ تعالى عليها، إذ لم يرَه على خلقتِه التي خلقَه اللهُ عليها إلا مرتين: الأولى في الأرضِ بين حراء مكة، والثانية: هذه المرة التي في الإسراء عند سدرةِ المنتهى، فمُنْكِرُ الإسراء كافرٌ باللهِ العزيز، ومُنْكِرُ المعراج مبتدعٌ فاسقٌ، هذا من حيث ثبوت الإسراء والمعراج.
أما من حيث إحياءِ تلك الليلة بالصلوات والأذكار والأدعية والتضرعات، وصلاة العمر وما أشبه ذلك؛ فكلُّ ذلك مُبتدَع مُحدَث لم يثبتْ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابِه، ولا عن التابعين ولا تابعيهم من الأئمةِ الصالحين، ولم يَقُلْ بهذا أحدٌ حتى من المتأخرين.
نعم؛ إلقاء الوعظ والخطب مستحب لقوله: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى: 9]، ولكن لا يتقيد بليلةِ المعراج، وإحياءُ الليلِ بالتهجد والابتهال إلى اللهِ مسنونٌ في كلِّ ليلة لقوله تعالى لنبيه: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79]، ولقد أثنى اللهُ على قائمي الليل بقوله: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16]، ولكن تخصيص ليلة من الليالي بعبادة، فهذا التخصيص من البدعِ، ما سوى ليلةَ القدرِ، فإن اللهَ فضَّلَها على سائر الليالي، كما قال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3].
قال: أما قولُ السائلِ فإنهم يصلون "صلاةَ العمرِ" مائة أو مائتين ركعة، فهذا من أكبرِ الضلالات، ولم يقلْ بهذا أحدٌ أبدًا، لا من العلماء ولا من العوام، ولم نسمعْ إلا من عوامِّ أهلِ الهند.
وأما "صلاة التسبيح": فمن العلماء من استحبَّها لحديث عباس بن عبد المطلب، ومنهم من قال: بدعة، وحَكَمَ ابنُ الجوزي على الحديث الوارد فيها بأنه موضوعٌ([3])، والقائلون بأنها مستحبة لا يخصصون بليلة من الليالي ولا بيوم من الأيام.
أما "صلاة الغوث": التي يصلونها هناك، ويقصدون بها الشيخ عبد القادر - رحمه الله -، ويتجهون إلى بغداد، فهذا كفرٌ قبيحٌ شديدٌ، فإن الركوعَ لغيرِ الله كفر، فضلًا عن الصلاة كلها، والاتجاه في الصلاةِ لغيرِ الكعبة المشرفة كفرٌ لا ريب فيه، والاستغاثةُ بالشيخ عبد القادر أو بغيره من الصالحين أو حتى برسولِ الله صلى الله عليه وسلم شركٌ وضلالٌ)([4]).
ثانيًا: لم يَرِدْ في الأحاديث الصحيحة شيءٌ في تعيين ليلة الإسراء والمعراج، وأما ما ذكره بعضُهم بأنها كانت في ليلة السابع والعشرين من رجب فلا يثبت ذلك.
ولهذا اختلف أهلُ العلم والسير في تحديد وقوع الإسراء والمعراج بالسنة، أو الشهر، أو اليوم، هل وقع قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم أم بعده؟ فقيل: قبل المبعث، قال الحافظ ابن حجر: (وهو شاذ)([5])، ثم قال: (وذهبَ الأكثرُ إلى أنه كان بعد المبعثِ).
ثم اختلفوا على أقوال:
فقيل: قبلَ الهجرةِ بسنة، وكان ليلة السابع والعشرين من شهرِ ربيع الأول، وبه قال النووي([6]).
قال مقاتل: (كانت ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة، ويُقال كان في رجب، وقيل: كان في رمضان)([7]).
وقيل: قبل الهجرة بثمانية عشر شهرًا، وكان في السابع عشر من رمضان.
وقيل: قبل الهجرة بسنة وثلاثة أشهر.
وقيل: قبلها بستة أشهر.
وقيل: قبلها بسنة وشهرين أي في المحرم.
وقيل: قبلها بثمانية أشهر.
وقيل: قبلها بسنة وخمس أشهر، فعلى هذا يكون في شوال أو في رمضان على إلغاء الكسرين منه ومن ربيع الأول([8]).
ومن الناس من يزعم أن الإسراء والمعراج كان في جمعة من رجب ليلة الرغائب التي أُحدثت فيها الصلاة المشهورة، ولا أصل لذلك([9]).
وبناءً على هذه الأقوال؛ فليلة الإسراء والمعراج لم تكن معلومةً، ولا دليل لمن قال بتحديدها؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ مَعْلُومٌ لَا عَلَى شَهْرِهَا وَلَا عَلَى عَشْرِهَا وَلَا عَلَى عَيْنِهَا، بَلِ النُّقُولُ فِي ذَلِكَ مُنْقَطِعَةٌ مُخْتَلِفَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَا يُقْطَعُ بِهِ، وَلَا شُرِعَ لِلْمُسْلِمِينَ تَخْصِيصُ اللَّيْلَةِ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّهَا لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ بِقِيَامٍ وَلَا غَيْرِهِ)([10]).
وقال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي - رحمه الله -: (ومع العلم بثبوت الإسراء والمعراج كمعجزتين للرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يثبتْ في حديث صحيح في أي شهر كانا، وفي أي ليلة، غيرَ أن المشهورَ عند الناس منذ قرون - وهو اختيار النووي - أنهما كانا في ليلة السابع والعشرين من رجب، لكن هذا القولُ غيرَ مؤيد بالدليل
فإذا كان حتى اليوم مع كثرة الأبحاث الواقعة من العلماء بتوالي القرون لم يثبتْ تعيينُ ليلةَ الإسراء والمعراج، فلماذا هذا الاحتفالُ وهذه البدعُ التي أملاها الشيطانُ؟! ويكفي المسلمين أن يعتقدوا بأن اللهَ أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم إلى البيت المقدس، ثم عَرَجَ به إلى السماوات العُلى، وأنه خَصه بهذه الخصيصة العظمى التي لم يَخُص بها نبيًّا ولا رسولًا قبله.
والواجبُ على المسلمِ اتباع السنةِ المطهرةِ، وتحكيمها في عباداتِه وسائرِ شئونه، أما أنه يتركُ العملَ بالقرآن وبالسنة، وعند احتفالات المولدِ والمعراج والهجرة ينشطُ لتلك الليالي والأيام فقط، وكأنه قامَ بكلِّ ما أوجبَ الله ُعليه، وكأنه محَّصَ حبَّه للهِ لرسولِه، فذاك لا يقبلُه ميزانُ الشرعِ ولا العقل، فعلى المسلمين أن يأخذوا باللُّبِّ ويدعوا القشور، واللهُ الهادي إلى سواء السبيل)([11]).
ثالثًا: إن الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج يترتب عليه المفاسد العديدة من الاختلاط وكثرة الشموع والمصابيح والإسراف في ذلك، وغير ذلك من المنكرات.
قال الإمام ابن النحاس - رحمه الله - في ذكر بعض ما ابتُدع من المواسم والأعياد: (ومنها ما أحدثوا ليلةَ السابع والعشرين من رجب، وهي ليلةُ المعراجِ الذي شرَّف اللهُ به هذه الأمة، فابتدعوا في هذه الليلةِ وفي ليلةِ النصفِ من شعبان، وهي الليلةُ الشريفةُ العظيمةُ، كثرةَ وقودِ القناديل في المسجدِ الأقصى، وفي غيرِه من الجوامع والمساجد، وكثرة اللعبِ فيه، واللغطِ.
ودخول النساءِ إلى الجوامع متزينات متعطراتِ ويَبتْنَ في المساجد بأولادهن، فربما سبقَ الصغيرَ الحدثُ، وربما اضطرت المرأةُ والصبيُّ إلى قضاءِ الحاجة، فإن خرجا من المسجدِ لم يجدا إلا طرق المسلمين في أبواب المساجد، وإن لم يخرجا حرصًا على مكانهما أو حياءً من الناس؛ ربما فعلا ذلك في إناءٍ أو ثوبٍ أو في زاويةٍ من زوايا المسجد، وكلُّ ذلك حرامٌ، مع أن الداخلَ في الغلس لصلاةِ الصبحِ قَلَّ أن يسلمَ من تلويثِ ذيلِه أو نعلِه بما فعلوه في بابِ المسجد، ويدخلُ بنعلِه وما فيه من النجاسةِ إلى المسجدِ فينجسُه، وهو لا يشعر.
إلى غيرِ ذلك من المفاسد المُشاهدة المعلومةِ، وكلُّ ذلك بدعٌ عظيمةٌ في الدين، ومُحدثات أحدثها إخوانُ الشياطين، مع ما في ذلك من الإسرافِ في الوقيدِ والتبذير وإضاعة المالِ.
وبالجملة: فإنْ كان ذلك من مالِ الوَقْفِ لم يجزْ للناظرِ صرفُ ذلك، ولا التمكين منه، بل لو ذكره الواقفُ وشَرَطَه، قال أبو عبد الله بن الحاج: (لم يُعتبر ذلك الشرطُ شرعًا)([12])، وإن لم يكنْ من مالِ الوقف، بل تبرعَّ به متبرعٌ كان ذلك إضاعةً للمالِ وتبذيرًا، وقد نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن إضاعةِ المال، واعتقادُ أن ذلك قربة من أعظمِ البدعِ وأقبح السيئات، بل لو كان في نفسِه قربةً وأدى إلى هذه المفاسد لكان إثمًا عظيمًا.
فينبغي للعاجزِ عن إنكارِ هذه المنكرات أن لا يحضرَ الجامعَ، وأن يصلي في بيتِه تلك الليلةِ إنٍ لم يجدْ مسجدًا سالـمًا من هذه البدع، لأن الصلاةَ في الجامعِ مندوبٌ إليها، وتكثيرُ سوادِ أهلِ البدعِ منهيٌّ عنه، وتركُ المنهي عنه واجبٌ، وفعلُ الواجبِ متعينٌ، هذا إن لم يكنْ مشهورًا بين الناس.
فإن كان مشهورًا بينهم بعلمٍ أو زهدٍ وجبَ عليه أن لا يحضرَ الجامعَ ولا يشاهد هذه المنكرات، لأن في حضورِه مع عدمِ الإنكارِ إيهامًا للعامةِ بأن هذه الأفعال مباحةٌ أو مندوبٌ إليها، وإذا فُقِدَ من المسجدِ وتأخرَ عن عادتِه في الصلاةِ جماعةً وأنكرَ ذلك بقلبِه لعجزِه ربما يسلمُ من الإثمِ، ولا يغتر به غيرُه ويستشعرُ الناسُ من عدمِ حضورِه أن هذه الأفعال غير مُرْضية، لأن حضورَ من يقتدي به في هذه الليلة هو الشبهةُ العظمى، فظنَّ الجهالُ والعوامُّ أن ذلك مستحسنٌ شرعًا.
ولو اتفقَ العلماءُ والصلحاءُ على إنكارِ ذلك لزال، بل لو عجزوا عن الإنكارِ وتركوا الصلاةَ في الجامعِ المذكورِ؛ لظهرَ للناسِ أن ذلك بدعة لا يسوغها الشرعُ، ولا يرضاها أهلُ الدين، فربما امتنعَ الناسُ عن ذلك، أو بعضُهم، فحصلَ لهم الثوابُ بفعلِ ما يقدرون عليه من الإنكارِ بالقلبِ، والامتناع عن الحضور إن كانوا عاجزين عن التغيير، وإن كانوا قادرين فيسقط عنهم بعضُ الإثمِ ويخفف عنهم الوزر، واللهُ ولي التوفيق)([13]).
وقال الشيخ علي محفوظ في "فصل في المواسم التي نُسِبَت للشرع وليست منه"، قال: (ومنها: ليلةُ المعراج التي شرَّفَ اللهُ تعالى هذه الأمة بما شرعَ لهم فيها، وقد تفنن أهلُ هذا الزمان بما يأتونه في هذه الليلةِ من المنكرات، وأحدثوا فيها من أنواعِ البدعِ ضروبًا كثيرةً؛ كالاجتماع في المساجد، وإيقادِ الشموعِ والمصابيح فيها وعلى المناراتِ مع الإسرافِ في ذلك، واجتماعِهم للذكرِ والقراءةِ وتلاوةِ قصةِ المعراج، وكان ذكرًا وقراءةً وتعليمَ علمٍ، لكنهم يلعبون في دينِ اللهِ، فالذاكرُ على ما عرفت، والقارئُ على ما سمعت، فيزيد فيه ما ليسَ منه وينقص منه ما هو فيه.
وما أحسن سيرُ السلفِ، فإنهم كانوا شديدي المداومةِ على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يخرجون عن الثباتِ قيدَ شعرةٍ، ويعتقدون الخروجَ عنه ضلالةً، لا سيما عصر الصحابةِ ومن بعدهم من أهلِ القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير، رضي الله عنهم أجمعين)([14]).
([8]) هذه الأقوال كلها ذكرها ابن حجر في فتح الباري، (7/203)، وانظر: شرح صحيح مسلم، النووي، (2/209)، والبداية والنهاية، ابن كثير، (4/270)، وتفسير ابن كثير، (3/23)، وعيون الأثر، ابن سيد الناس، (1/18، 182)، الأعياد وأثرها على المسلمين، سليمان السحيمي، ص(359-360)، والبدع الحولية، عبد الله التويجري، ص(270-273).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.