أسماء الله الحسنى: الجواد

أسماء الله الحسنى: الجواد





الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، ثم أما بعد؛..
الاشتقاقُ اللغوي:
الجواد: التسمحُ بالشيءِ، وكثرةُ العطاءِ، والجوادُ: الفرسُ الذريعُ والسريعُ، وجمعُه: جياد.
الجودُ: المطرُ الغزيرُ، نقولُ: جاءَ المطرُ جودًا فهوَ جائدٌ، والجمعُ: جود([1]).
الأدلةُ في الكتابِ وَالسنةِ:
وَرَدَ اسمُ الجوادِ مِنْ حديثِ سعد بن أبي وقاص، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - قالَ: ((إِنَّ اللهَ - عَزَّ وجلَّ - جوادٌ يحبُّ الجودَ، ويحبُّ معالي الأخلاقِ ويبغضُ سفاسفَها))([2]).
المعنى في حَقِّ اللهِ تعالى:
يتلخصُ معنى اسمِ اللهِ الجواد فيما يلي:
1-الجوادُ: هو الكريمُ، كثيرُ العطايا، المتفضلُ على عبادِه بالنوالِ قبلَ السؤالِ([3]).
2-أنَّه سبحانه يحبُّ الإحسانَ والجودَ والعطاءَ والبرَّ.
3-أنَّ الفضلَ كُلَّه بيدِه، والخيرَ كلَّه منه، والجودَ كلَّه له، وأحبُّ ما إليه أنَّه يجودُ على عبادِه ويُوسِعُهم فضلًا، ويغمرُهم إحسانًا وجودًا، ويتمُّ عليم نعمتَه، ويضاعفُ لديهم مِنَّتَهُ، ويتعرفُ إليهم بأوصافِه وأسمائِه، ويتحببُ إليهم بنعمِه وآلائِه.
4-أنَّه الجوادُ لذاتِه، وجودُ كُلِّ جوادٍ خلقَهُ اللهُ ويخلقُه أبدًا أقلُّ مِنْ ذرةٍ بالقياسِ إلى جودِهِ، فليسَ الجوادُ على الإطلاقِ إلا هو، وجودُ كُلِّ جوادٍ فَمِنْ جودِه، ومحبتُه للجودِ والإعطاءِ والإحسانِ، والبرِّ والإنعامِ والإفضالِ فوقَ ما يخطرُ ببالِ الخَلْقِ، أو يدورُ في أوهامِهم.
5- أنَّ فرحَه بعطائِه وجودِه وإفضالِه أشدُّ مِنْ فرحِ الآخذِ بما يُعْطَاه  ويأخذُه، فهوَ الجوادُ لذاتِه كَمَا أنه الحي لذاتِه، العليمُ لذاتِه، السميعُ البصيرُ لذاتِه، فجودُه العالي مِنْ لوازم ذاتِه، والعفوُ أحبُّ إليه مِنَ الانتقامِ، والرحمةُ أحبُّ إليه مِنَ العقوبةِ، والفضلُ أحبُّ إليه مِنَ العدلِ، والعطاءُ أحبُّ إليه مِنَ المنعِ([4]).
المعنى عندَ المخالفين وَالمناقشةُ وَالرد:
المعنى عند الأشاعرة:
الجوادُ: ومعناه: الكثيرُ العطايا([5]).
وبالأخص أنَّ معنى الجواد هو الذي له صفةُ الجودِ التي كانَ بها جوادًا، وأنَّ تلكَ الصفةَ ليستْ قائمةً به تعالى، لأنَّ الأفعالَ لا تقومُ بِهِ([6]).
الردُّ على ذلكَ:
وهذا القولُ مبنيٌّ على أصلٍ مِنْ أصولِ الأشاعرةِ، وأنَّ الأفعالَ لا تقومُ بذاتِ اللهِ - عَزَّ وجلَّ -، أي ينفونَ الصفاتِ الفعليةَ للهِ تعالى، مع أنَّهم يثبتون المعاني والأحكامَ للأسماءِ المشتقةِ مِنْ صفاتِ الأفعالِ، لكن مع قولِهم إنَّ الفعلَ لا يقومُ باللهِ تعالى؛ لأنَّ هذا يؤدي - على حَدِّ زَعْمِهِم - بحلولِ الحوادث في ذاتِ الرَّبِّ - عَزَّ وَجَلَّ -، وحتى لا تحلُّ الحوادثُ في ذاتِه لابدَّ مِنَ القولِ بنفي الصفاتِ الفعليةِ، والقولِ بالتأويلِ العقلي للنصوصِ الواردةِ نقلًا.
ومما لاشَكَّ فيه أنَّ هذا قولٌ مبتدعٌ.
ومسألةُ حلولِ الحوادث: معناها: نفيُهم أنْ تقومَ باللهِ أمورٌ تتعلقُ بقدرتِه ومشيئتِه، ولمَّا كانوا نفاةً لهذا، امتنعَ عندَهم أَنْ يقومَ به فِعْلٌ اختياري، لا لازم ولا مُتعدٍّ، ولا نزول ولا مجيء، ولا استواء ولا إتيان، ولا خَلْق ولا إحياء ولا إماتة، ولا غير ذلك.
وحجتُهم في ذلك التنزيهُ، حيثُ قالوا: لَوْ اتصفَ الربُّ بالصفاتِ الفعليةِ؛ لقامتْ به الحوادثُ، ولوْ قامتْ بِهِ الحوادثُ لم يخلُ منها، وما لم يخلُ مِنَ الحوادث فهوَ حادثٌ.
وهذه حجةٌ باطلةٌ لنفي صفاتِ اللهِ تعالى، والردُّ عليها مبسوطٌ كما هو معروفٌ فِي كتبِ أهلِ العلمِ، وحقيقةُ هذا التنزيهِ الذي يقولون به، أنهم نزهوه عَن الوجودِ، وعن الإلهيةِ، وعن الربوبيةِ، وعن المُلْكِ، وعن كونِهِ فَعَّالًا لما يريدُ، بَلْ عَن الحياةِ والقيوميةِ([7]).

الهوامش:

([1]) ينظر: الصحاح، الجوهري، ص(197)، والمفردات، الراغب الأصفهاني، ص(103).

([2]) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، (26617) (5/332)، وابن منده في التوحيد، (2/99)، وأبو يعلي في المسند، (2/121)، وأبو نعيم في الحلية، (3/263)، وابن كليب الشاشي في مسنده، (1/80)، وهناد ابن السري في الزهد، (2/423)، والبرجلاني في الكرم والجود وسخاء النفوس، ص(34)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، (8/19)، وصححه الشيخ الألباني في السلسة الصحيحة،  (236)، (1378)، (1627)، وصحيح الجامع، (1744)، (1800).

([3]) ينظر: الأسماء والصفات، البيهقي، (1/169)، وإعانة الطالبين، الدمياطي، (1/6).

([4]) ينظر: مدارج السالكين، ابن القيم، (1/228).

([5]) المنهاج في شعب الإيمان، الحليمي، (1/203).

([6]) ينظر: الأمد الأقصى في شرح أسماء الله الحسنى، ابن العربي، ص(122).

([7]) ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (5/379)، (6/220-273)، ودرء التعارض، له، (2/18-20)، والصواعق المرسلة، ابن القيم، (3/948)، ومعارج القبول، الحكمي، (1/377).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
أسماء الله الحسنى: الجواد.doc doc
أسماء الله الحسنى: الجواد.pdf pdf

ذات صلة

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى