بدعة إهداء ثواب القراءة إلى روح الرسول صلى الله عليه وسلم

بدعة إهداء ثواب القراءة إلى روح الرسول صلى الله عليه وسلم





الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد؛ من الأصول التي دلَّت عليها الأدلةُ الشرعية أن "جميع ما يفعله العبادُ من القُرَبِ والعبادات، فإن للرسولِ صلى الله عليه وسلم مثل أجورِهم من غيرِ أن ينقص من أجورِهم شيئًا"، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((منْ دعا إلى هُدى كان له من الأجرِ مثل أجورِ من اتَّبعه من غيرِ أن ينقص من أجورِهم شيئًا...)) الحديث، وقال صلى الله عليه وسلم: ((منْ سنَّ سنةً حسنةً كان له أجرُها وأجرُ من عَمِلَ بها إلى يوم القيامةِ من غيرِ أن ينقص من أجورهم شيئًا...)) الحديث، وما من ريب أنه الرسول صلى الله عليه وسلم قد سنَّ سنن الهدى جميعها لأمته([1]).

لذا لم يُنقل عن السلف الصالح أنهم كانوا يفعلون القُرَب من القراءة وغيرها من الطاعات ويهدون ثوابها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مع أنهم كانوا أعلم بالخير وأحرص عليه وأرغب فيه، فدلَّ هذا على أن إهداء الثواب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من البدع المحدثة في الشرع.

وقد أنكر جمعٌ من علماء الشافعية - رحمهم الله - هذا العمل، ونصُّوا على بدعيته، إليك بعض أقوالهم في ذلك:

سُئل الإمام ابن العطار - تلميذ الإمام النووي - رحمهما الله: هل تجوز قراءةُ القرآن وإهداء الثواب إليه صلى الله عليه وسلم، وهل فيه من أثر؟ فأجاب بما هذا لفظه: (أما قراءةُ القرآنِ العزيزِ فمن أفضل القربات، وأما إهداؤه للنبيِّصلى الله عليه وسلم فلم يُنقلْ فيه أثر ممن يُعتدُّ به، بل ينبغي أن يُمنعَ منه، لما فيه من التهجمِ عليه فيما لم يأذنْ فيه، مع أن ثوابَ التلاوةِ حاصلٌ له بأصلِ شرعِه صلى الله عليه وسلم، وجميعُ أعمالِ أمته في ميزانه...)([2]).

ونقل الحافظ السخاوي عن شيخه الحافظ ابن حجر - رحمهما الله - في مناقبه، أنه سُئل عمن قرأ شيئًا من القرآن، وقال في دعائه:اللهمَّ اجعلْ ثوابَ ما قرأتُه زيادةً في شرفِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فأجاب: (هذا مخترعٌ من متأخري القراء،لا أعلم لهم سلفًا فيه)([3]).

وقال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي - رحمه الله -: (وأُحبُّ أن أنبه القارئَ على أن إهداءَ الثواب إلى روحِ الرسولِصلى الله عليه وسلم بدعة أخرى زادها المبتدعون، وقولهم: إن الكاملَ يقبلُ زيادةَ الكمالِ، جوابنا: أن هذه عبادةٌ مبنية على التوقيفِ، لا ينبغي أن يفعلَ المسلمُ عبادةً إلا ما وردَ في الكتابِ والسنةِ، ولا ينبغي أن يتجاسرَ على مقامِ الرسولِصلى الله عليه وسلم العظيم بمثلِ هذه البدع، ولو كان دليلُهم مُسَلَّمًا لفعلتُه الصحابةُ الذين كانوا أكثر حبًّا من غيرهم للرسولِصلى الله عليه وسلم)([4]).



([1]) انظر: رسالة في إهداء الثواب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ابن تيمية، ص(49-50).

([2]) نقله صاحب "مواهب الجليل"، الحطاب الرعيني، (2/544-545).

([3]) الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر، السخاوي، (2/950)، ونقله صاحب "مواهب الجليل"، (2/545).

([4]) تحذير المسلمين، أحمد بن حجر آل بوطامي، ص(243).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدعة إهداء ثواب القراءة إلى روح الرسول صلى الله عليه وسلم.doc doc
بدعة إهداء ثواب القراءة إلى روح الرسول صلى الله عليه وسلم.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى