مسروق بن الأجدع

مسروق بن الأجدع





هذه الترجمة لعلم من أعلام التابعين، وإمام من الأئمة العاملين، وهو (مسروق بن الأجدع الهمداني) تتلمذ على علماء الصحابة رضي الله عنهم عبد الله بن مسعود، وعلي، وعائشة، وكان ذو زهد وورع وعبادة رحمه الله

1- اسمه ومولده:

اسمه: مسروق بن الأجدع الهمداني الوادعي أبو عائشة الكوفي وهو مسروق بن الأجدع بن مالك بن أمية بن عبد الله بن مر بن سلمان -ويقال: سلامان- بن معمر بن الحارث بن سعد بن عبد الله بن وادعة( [1]).

قال الحافظ أبو بكر الخطيب: "يقال: أنه سُرِقَ وهو صغير ثم وجد مسروقاً، وأسلم أبوه الأجدع"( [2]).

مولده: لم يصرح أحد ممن ترجم له مما وقفت عليه بتاريخ ميلاده إلا أنهم صرحوا بأنه توفي سنة اثنين وستون أو ثلاث وستين، وقال هارون بن حاتم عن الفضل بن عمرو: "مات وله ثلاث وستون سنة" فيكون ميلاده في السنة الأولى من الهجرة أو قبلها بسنة، والله أعلم.

2- ثناء العلماء عليه:

* عن مالك بن مغول قال: "سمعت أبا السفر غير مرة قال: "ما ولدت همدانية مثل مسروق"( [3]).

* وعن عامر الشعبي قال: "ما علمت أن أحداً أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق"( [4]).

* وعن منصور عن إبراهيم قال: "كان أصحاب عبد الله الذين يقرئون الناس ويعلمونهم السنَّة (علقمة، والأسود، وعبيدة، ومسروق، والحارث بن قيس، وعمرو بن شرحبيل)( [5]).

* وقال الشعبي لما قدم عبيد الله بن زياد الكوفة قال: "مَنْ أفضل الناس؟! قالوا له: مسروق"( [6]).

* وقال ابن المديني: "أنا ما أقدم على مسروق أحد، صلى خلف أبي بكر( [7]).

* وقال أحمد بن حنبل: "قال ابن عيينة: "بقي مسروق بعد علقمة لا يفضل عليه أحداً( [8]).

* وعن ابن أبجر عن الشعبي قال: "كان مسروق أعلم بالفتوى من شريح، وكان شريح يستشير مسروقاً( [9]).

* وقال يحيى بن معين: "مسروق ثقة، لا يسأل عن مثله، وسأل عثمان بن سعيد يحيى عن مسروق وعروة في عائشة فلم يخير"( [10]).

* وقال ابن سعد: "وكان ثقة، وله أحاديث صالحة"( [11]).

* وقال العجلي: "تابعي ثقة، كان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرءونا ويفتون، وكان يصلي حتى ترم قدماه"( [12]).

* وقال أبو نعيم: "ومنهم العالم بربه، الهائم بحبه، الذاكر لذنبه، في العلم معروق، وبالضمان موثوق، ولعبادة الله معشوق، أبو عائشة المسمى بمسروق"( [13]).

* وعن مجالد عن الشعبي عن مسروق قالت عائشة: (يا مسروق! إنك من ولدي، وإنك لمن أحبهم إلي فهل لك علم بالمخدج"( [14]).

 3- عبادته رحمه الله:

* عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر قال: (كان مسروق يرخي الستر بينه وبين أهله، ويقبل على صلاته، ويخليهم ودنياهم"( [15]).

* وقال أنس بن سيرين عن امرأة مسروق: "كان مسروق يصلي حتى ترم قدماه، فربما جلست خلفه أبكي مما أراه يصنع بنفسه"( [16]).

* وعن فطر بن خليفة عن الشعبي قال: "غشي على مسروق بن الأجدع في يوم صائف وهو صائم، وكانت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنته، فسمى ابنته عائشة، وكان لا يعصي ابنته شيئاً، قال: "فنزلت إليه فقالت: (يا أبتاه أفطر واشرب"، قال: "ما أردت بي يا بنية؟"، قالت: "الرفق"، قال: يا بنية إنما طلبت الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة"( [17]).

* وعن أبي إسحاق قال: "حج مسروق فما بات إلا ساجداً"( [18]).

* قال إبراهيم بن محمد بن المنتشر: "أهدى خالد بن عبد الله بن أسيد عامل البصرة إلى عمي مسروق ثلاثين ألفًا وهو يومئذ محتاج، فلم يقبلها". * وقال أبو إسحاق السبيعي: "زوج مسروق بنته بالسائب بن الأقرع على عشرة آلاف لنفسه، يجعلها في المجاهدين والمساكين"( [19]).

* وعن الأعمش عن أبي الضحى قال: "كان مسروق يقوم فيصلي كأنه راهب، وكان يقول لأهله: هاتوا كل حاجة لكم فاذكروها لي قبل أن أقوم إلى الصلاة"( [20]).

* وعن سعيد بن جبير قال: "لقيني مسروق فقال: "يا سعيد! ما بقي شيء يرغب فيه إلا أن نعفر وجوهنا في التراب".( [21])

4- موقفه رحمه الله في الفتنة:

* عن الشعبي قال: (كان مسروق إذا قيل له: أبطأت عن علي وعن مشاهده فأراد أن يناصحهم الحديث قال: "أذكركم بالله، أرأيتم حين صف بعضكم لبعض، وأخذ بعضكم على بعض السلاح يقتل بعضكم بعضا، فتح باب من السماء وأنتم تنظرون، ثم نزل منه ملاك حتى إذا كان بين الصفين قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}[النساء:29]، كان ذلك حاجزاً بعضكم عن بعض؟! قالوا: "نعم" قال: "فوالله لقد فتح الله لها باباً من السماء، ولقد نزل بها ملك كريم على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وإنها لمحكمة في المصاحف ما نسخها شيء"( [22]).

* وقال الذهبي: "قال وكيع: "تخلف عن علي مسروق، والأسود، والربيع بن خثيم، وأبو عبد الرحمن السلمي، ويقال: (شهد صفين، فوعظ وخوف ولم يقاتل، وقيل: (شهد قتال الحرورية مع علي، واستغفر من تأخره عن علي)، وقيل: إن قبره بالسلسلة بواسط".( [23]).

5- ورعه وزهده رحمه الله:

* عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن مسروق: أنه كان لا يأخذ على القضاء أجراً ويتأول هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ} [التوبة:111]( [24]).

* عن الأعمش عن أبي الضحى قال: "غاب مسروق عاملاً على السلسلة سنتين ثم قدم، فنظر أهله في خرجه فأصابوا فأسًا، فقالوا: غبت سنتين ثم جئتنا بفأس بلا عود، قال: إنا لله استعرناها نسينا نردها"( [25]).

* قال أبو الضحى: "سئل مسروق عن بيت شعر فقال: أكره أن أجد في صحيفتي شعراً( [26]).

* وعن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن المنتشر قال: "كان مسروق يركب كل جمعة بغلة ويحملني خلفه، ثم يأتي كناسة بالحيرة قديمة، فيحمل عليها بغلته فيقول: الدنيا تحتنا"( [27]).

* وعن حمزة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: بلغني أن مسروقاً أخذ بيد ابن أخ له، فارتقى به على كناسة بالكوفة، قال: (أريكم الدنيا، هذه الدنيا أكلوها فأفنوها، ولبسوها فأبلوها، وركبوها فأنضوها، سفكوا فيها دمائهم، واستحلوا منها محارمهم، وقطعوا فيها أرحامهم"( [28]).

* وعن محمد بن عقبة قال: سمعت الأصمعي يقول: "كان مسروق يتمثل:

ويكفيك مما أغلق الباب دونه        وأرخى عليه الستر ملح وجردق

وماء فرات بارد ثم تغتدي            تعارض أصحاب الثريد الملبق( [29])

تجشأ إذا ما هم تجشوا كأنما          غذيت بألوان الطعام المفتق( [30])

6- من أقواله وأفعاله رحمه الله:

* عن مسلم عن مسروق قال: (كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعمله"( [33]).

* وقال مسروق: "المرء حقيق أن يكون له مجالس يخلو فيها فيذكر ذنوبه فيستغفر الله"( [34]).

* وعن أبي الضحى أن مسروقاً شفع لرجل بشفاعة فأهدى له جارية فغضب وقال: "لو علمت أن هذا في نفسك ما تكلمت فيها ولا أتكلم فيما بقي منها أبداً سمعت عبد الله بن مسعود يقول: من شفع شفاعة ليرد بها حقاً، أو يدفع بها ظلمًا، فأهدي له فقبل فذلك السحت"، قالوا: (ما كنا نرى السحت إلا الأخذ على الحكم، قال: "الأخذ على الحكم كفر"( [35]).

* وعن الشعبي أن مسروقاً قال: "لأن أقضي بقضية فأوافق الحق، أو أصيب الحق أحبُّ إلي من رباط سنة في سبيل الله"( [36]).

* وعن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن مسروق قال: ما من شيء خير للمؤمن من لحد قد استراح من هموم الدنيا، وأمن من عذاب الله"( [37]).

* وعن مسلم أو غيره عن مسروق قال: "إن أحسن ما أكون ظناً حين يقول لي الخادم: ليس في البيت قفيز ولا درهم"( [38]).

* وعن هلال بن يساف قال: قال مسروق: "من سره أن يعلم علم الأولين والآخرين، وعلم الدنيا والآخرة فليقرأ سورة الواقعة".

* قال الذهبي: "هذا قاله مسروق على المبالغة لعظم ما في السورة من جمل أمور الدارين، ومعنى قوله: "فليقرأ الواقعة" أي يقرأها بتدبر وتفكر وحضور، ولا يكن مثل الحمار يحمل أسفاراً"( [39]).

7- وفاته رحمه الله:

* عن شقيق قال: "كان مسروق على السلسلة سنتين، فكان يصلي ركعتين ركعتين، يبتغي بذلك السنة".

* عن الأعمش عن شقيق قال: (قلت لمسروق: ما حملك على هذا العمل؟"، قال: "لم يدعني ثلاثة زياد وشريح والشيطان حتى أوقعوني فيه"( [40]).

* عن أبي وائل أن مسروق حين حضره الموت قال: اللهم لا أموت على أمر لم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر ولا عمر، والله ما تركت صفراء ولا بيضاء عند أحد من الناس، غير ما في سيفي هذا فكفنوني فيه"( [41]).

* قال سفيان بن عيينة: "مات مسروق سنة ثلاث وستين، وكان ثقة وله أحاديث صادقة"( [42]).

* وقال أبو نعيم: "مات سنة اثنتين وستين"، وقال يحيى بن بكير وابن سعد وابن نمير: "مات سنة ثلاث وستين"( [43]).

الهوامش:

 ([1][1]) تهذيب الكمال (27/451-452).

([1][2]) تاريخ بغداد (3/232).

([1][3]) تاريخ بغداد (3/233).

([1][4]) تاريخ بغداد (3/233).

([1][5]) تاريخ بغداد (3/233).

([1][6]) سير أعلام النبلاء (4/66).

([1][7]) سير أعلام النبلاء (4/66).

([1][8]) سير أعلام النبلاء (4/67).

([1][9]) طبقات ابن سعد (6/82).

([1][10]) سير أعلام النبلاء (4/67).

([1][11]) طبقات ابن سعد (6/84)

([1][12]) سير أعلام النبلاء (4/67)

([1][13]) حلية الأولياء (2/95).

([1][14]) سير أعلام النبلاء (4/67).

([1][15]) حلية الأولياء (2/96).

([1][16]) تهذيب الكمال (27/455).

([1][17]) تاريخ بغداد (3/234).

([1][18]) حلية الأولياء (2/95).

([1][19]) سير أعلام النبلاء (4/66).

([1][20]) حلية الأولياء (2/96).

([1][21]) حلية الأولياء (2/96).

([1][22]) طبقات ابن سعد (4/67)

([1][23]) سير أعلام النبلاء (4/67)

([1][24]) حلية الأولياء (2/96).

([1][25]) سير أعلام النبلاء (4/66)

([1][26]) سير أعلام النبلاء (4/69)

([1][27]) حلية الأولياء (2/96).

([1][28]) حلية الأولياء (96/2، 97).

([1][29]) الثريد الملبق: الملين بالدسم.

([1][30]) حلية الأولياء (2/97)، والطعام المفتق الكثير الخصب.

([1][31]) تهذيب الكمال للمزي (27/452، 453)

([1][32]) نهذيب الكمال للمزي (27/453).

([1][33]) طبقات ابن سعد (6/80) )

([1][34]) طبقات ابن سعد (6/80).

([1][35]) طبقات ابن سعد (6/81).

([1][36]) طبقات ابن سعد (6/82).

([1][37]) حلية الأولياء (97/2).

([1][38]) حلية الأولياء (2/97).

([1][39]) سير أعلام النبلاء (4/68).

([1][40]) طبقات ابن سعد (6/83).

([1][41]) طبقات ابن سعد (6/83).

([1][42]) طبقات ابن سعد (6/84).

([1][43]) حلية الأولياء (2/68).

 

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
مسروق بن الأجدع.doc doc
مسروق بن الأجدع.pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى