صلاة مزيد العمر من الصلوات البدعية المخصوصة لغرض دنيوي

صلاة مزيد العمر من الصلوات البدعية المخصوصة لغرض دنيوي




إن الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد؛...
فإن صلاة مزيد العمر هي صلاة عند بعض المتصوفة، وهي ركعتان، في كل ركعة يقرأ بعد الفاتحة سورة الإخلاص خمس مرات، أو آية الكرسي مرة، وسورة الإخلاص ثلاث مرات[1].
ذكرها اللكنوي عنهم في كتابه "الآثار المرفوعة"، ولم يذكر عنها سوى ما تقدم، أي: أنهم لم يستدلوا لها بدليل معتبر سوى الاجتهاد السقيم والاستحسان العقيم.
ثم إن عمر الإنسان محدود، وأجله موقوت، وأيامه معدودة، لا يزيد ولا ينقص بمجرد الهوى واتباع الأهواء.
روى الإمام مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئًا قبل حله، أو يؤخر شيئًا عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرًا وأفضل"[2].

فهذا الحديث يدل على أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما قدره الله تعالى.
"نعم، جاء في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن البر من أسباب الفسح في الأجل، يقول عليه الصلاة والسلام: "لا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر"[3]، يعني: بر الوالدين، ويقول صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أجله، فليصل رحمه"[4].
فبر الوالدين وصلة الرحم من أسباب البركة في العمر، ومن أسباب الفسح في الأجل.

وليس معنى هذا أن القدر المحتوم إذا تغير، لا، ما قدره الله سابقًا هو على ما قدره لا يتغير، لكنه سبحانه يعلق أشياء بأشياء، فهذا يبر والديه؛ ففسح الله له الأجل بسبب والديه ببره لهما، وقد سبق هذا في القدر السابق أنه يبر والديه، وأنه يقع له كذا وكذا، وأنه يؤخر إلى كذا وكذا، وهذا يصل أرحامه، فيؤخر أجله، وهذا يتصدق كثيرًا... ونحو ذلك.

فالحاصل أن هذا يتعلق بالأقدار المعلقة على أسبابها، فالأقدار المعلقة على أسبابها متى وجدت أسبابها تحقق ما علق بها، وهذا كله من قدر الله سبحانه وتعالى، كله قدر، لكن القدر قدران: قدر محتوم لا حيلة فيه، كالموت والهرم ونحو ذلك، وقدر معلق على أسبابه، فالمعلق على الأسباب يوجد بالأسباب التي علق بها، فيوجد فسح الأجل بسبب البر والصلة، لأنه علق على ذلك إلى الأجل الذي قدره الله سبحانه وتعالى، وسبق في علمه عزوجل.

وهكذا ما سوى ذلك، كالذي علق قدره لأنه علق أجله بأنه يقتل، بأنه يموت بكذا وكذا"[5].
ومنه تعلم أن إحداث صلاة غير مشروعة لزيادة العمر هو من الآثام، والافتراء على خير الأنام، حيث لم يرد عنه صلى الله عليه وسلم بأن الصلاة ولو كانت مشروعة – من أسباب الزيادة في العمر!! فكيف بإحداث صلاة مخصوصة لهذا الغرض؟ّ! سبحانك هذا بهتان عظيم.


الهوامش:


[1] الآثار المرفوعة، ص109، التحديث، ص74.
[2] أخرجه مسلم، 2663.
[3] أخرجه أحمد (37/68)، (22386)، وابن ماجه (4022)، وابن حبان (872)، من حديث ثوبان، وحسنه الألباني.
[4] أخرجه أحمد (21/ 209)، (13585)، والبخاري (5986)، ومسلم (2557) من حديث أنس.
[5] من كلام للشيخ ابن باز رحمه الله في جواب على سؤال في برنامج نورعلى الدرب في الإذاعة.

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
صلاة مزيد العمر من الصلوات المخصوصة لغرض دنيوي doc

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى