قال ابن القيم: سمعت ابن تيمية رحمه الله يقول: "من واظب على يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرة أحيى الله بها قلبه"، فها هو ابن تيمية يفعل شيئا لم نسمع بأنه مروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولا عن صحابته، فلماذا لا نسمع شنشنة المنكرين؟ لماذا لم يقولوا له: لو كان خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته؟ هل فاتهم وتذكرته؟!
الــــــجـــــــواب:
أولًا: منهج ابن تيمية وأتباعه أبعد ما يكون عن العصبية والابتداع، بل أشهر ما عرف ابن تيمية وأتباعه به هو الدعوة إلى التمسك بالوحيين، والرد على كل من يخالفهما كائنا من كان. فلقائل أن يقول: هذا مردود على ابن تيمية ومن وافقه ولا يقبل منه، فتنقطع حجتكم هذه معه!
ثانيًا: ما فعله ابن تيمية مشروع وليس بمبتدع، ومستنبط من النصوص، فالأمر بالذكر جاء مقيدا ومطلقا، فالمقيد يقبل كما هو، والمطلق لك أن تحدد لنفسك عددا لا تقل عنه، تجعله وردا لك، دون أن ترى ذلك العدد من تحديد الشرع، ولك ألا تحدد أصلا، كل ذلك جائز، وجار عليه العمل منذ الصحابة إلى زماننا هذا، فابن تيمية علم من خلال النصوص أن ذكر الله عامة يحيي القلوب، لذا قال: الذكر للقلب كالسمك للماء، فكيف حال السمك إذا خرج من الماء ؟!! أخذ ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت"[1].
وأخذ من فقه الأسماء والصفات المناسبة ودلالة الأسماء والصفات على أثرها، فمثلا: لا يليق أن يقول امرؤ: يا شديد العقاب اغفر لي، بل يقول: يا غفار اغفر لي يا تواب تب علي... ومن هنا رأى أن اسمي الحي القيوم لهما أثر في قلب العبد كبير إذا واظب العبد عليهما، وتحديد الأربعين مرة راجع إلى التجربة، والرجوع إلى التجارب في مثل هذا دل الشرع عليه.
ثالثًا: حياة القلوب بالذكر لا خلاف فيه، فذكر ابن تيمية نوعا من الذكر، ولم ينكر سواه، فما تكلم إلا بما دل عليه الشرع. هذا والله تعالى أعلى وأعلم.
الهوامش:
[1] أخرجه البخاري (6407).
اضف تعليق!
اكتب تعليقك
تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.