بدعٌ وأخطاءٌ تتعلقُ بالأيامِ (2)

بدعٌ وأخطاءٌ تتعلقُ بالأيامِ (2)






الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمدٍ رحمةِ الله للعالمين، وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ، إلى يوم الدِّين ثم أما بعد؛
الثلاثاءُ:
يومٌ مِنْ أيامِ الأسبوعِ معروفٌ، سموه بذلكَ لأنَّه ثالث أيامِ الأسبوعِ عندَهم بدليلِ هذه التسميةِ([1]).
وكانَ حقُّه أنْ يُقالَ "الثالث"، ولكنَّه صِيغَ له هذا البناءُ ليتفردَ بِهِ.
وَ"الثلاثاء" يُجمعُ ويُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ.
ويُجمعُ على: ثلاثاوات وأثالث.
فضلُه:
لَمْ يثبتْ له شيءٌ مِنَ التفضيلِ على سائرِ الأيامِ، كما لم يثبتْ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - اختصَّه بعبادةٍ دونَ غيرِه مِنَ الأيامِ، كمَا أنه لم يَرِدْ في صيامِه شيءٌ مِنَ الكراهةِ كما وَرَدَ في يومِ السبت ونحوه.
ما انفردَ بِه مِنْ محدثات:
       لم أعثرْ على بدعٍ انفردَ بها عَنْ بقيةِ أيامِ الأسبوعِ حَسْبَ عِلْمِي وللهِ الحمد.
أحاديثُ لم تثبتْ في يومِ الثلاثاء:
((خَلَقَ اللهُ الأمراضَ يومَ الثلاثاءِ، وفيه: أُنْزِلَ أبليس إلى الأرضِ، وفيه خَلَقَ جهنمَ، وفيه سَلَّطَ اللهُ مَلَكَ الموتِ على أرواحِ بني آدم، وفيه قُتِلَ هابيل، وفيه تُوفي موسى وهارون، وفيه ابْتُلي أيوب)).
درجته: ضعيف.
انظر: التنزيه (2/65)، ذيل اللآلئ (168)، الموسوعة، (4/10075).
((إِنَّ يومَ الثلاثاء يومُ الدمِ وفيه ساعةٌ لا يرقأ)).
درجته: ضعيف.
انظر: ضعيف الجامع (رقم: 2030)، الكشف (97)، الوضع في الحديث (2/190)، الموسوعة (رقم: 6167)، المشكاة (2/4549)، ضعيف أبي داود (رقم: 831).
الأربعاء:
سببُ التسميةِ:
هوَ اليومُ الرابعُ مِنَ الأسبوعِ؛ لأنَّ أولَ الأيامِ عندَهم الأحدُ، بدليلِ هذه التسميةِ على قولٍ، ثُمَّ الأثنين، ثم الثلاثاء، ثم الأربعاء، ولكنهم اختصوه بهذا البناء ليتفرد.
و"الأربعاء" بالمد، ويُجمع على: أربعاوات وأرابيع.
فضلُه:
       لم يثبتْ له شيءٌ مِنَ التفضلِ على سائرِ الأيامِ، كمَا لم يثبتْ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلم - اختصَّه بعبادةٍ، ولم يَرِدْ في صيامِه شيءٌ مِنَ الكراهةِ كمَا وَرَدَ في يومِ السبت.
قَالَ السخاوي - رحمهُ اللهُ -: (في فضيلةِ الأربعاء والتنفيرِ منه أحاديثُ كلُّها واهيةٌ).
مَا انفردَ بِهِ مِنْ مُحدثاتٍ:
1- التشاؤمُ والتطيرُ مِنْ يومِ الأربعاء:
وقدْ وَرَدَ في حديثٍ: ((أنَّه يومُ نَحْسٍ)) وهو غيرُ ثابتٍ، وفي لفظٍ آخر لا يَثْبُتُ أيضًا: ((آخرُ أربعاء الشهرِ يومُ نَحْسٍ مُسْتَمِر))([2]).
ومما اشتهرَ على الألسنةِ نقيضُ هذا، حديث: ((مَا ابتُدِئَ بشيءٍ يومَ الأربعاءِ إلَّا تَمَّ))، وهذا لا أصلَ له([3]).
2-كراهيةُ عيادةِ المريضِ يومَ الأربعاء:
وَمِنْ خرافاتِهم قولُهم: (مَنْ عَادَ مريضًا يومَ الأربعاءِ زارَهُ يومَ الخميس)، يعنون زيارتَه فِي المقبرةِ!! اللهُمَّ نعوذُ بِكَ أَنْ نكونَ مِنَ الجاهلين.
يقولُ العلامةُ القاسمي: (وَقَدْ بَلَغَني عَنْ بعضِ مشايخ أشياخِنا، أنَّه أَمَرَ يومَ الأربعاءِ أهلَه أَنْ يفتحوا بابَ دارِه لعيادتِه، وأنْ يدعوا المارةَ لذلكَ؛ رغبةً منه - رحمهُ اللهُ - في إماتةِ هذه البدعةِ)([4]).
يقولُ الإمامُ ابنُ القيمِ - رحمهُ اللهُ -: (وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هديه - صلى اللهُ عليه وسلم - أَنْ يَخُصَّ يومًا مِنَ الأيامِ بعيادةِ المريضِ، ولا وقتًا مِنَ الأوقاتِ، بَلْ شَرَعَ لأمتِه عيادةَ المريضِ ليلًا ونهارًا وفي سائر الأوقاتِ)([5]).
3- كراهةُ السفرِ يومَ الأربعاء:
أحاديثُ لَمْ تثبتْ فيه:
((مَا ابتُدِئَ الأربعاء بشيءٍ إلَّا تَمَّ)).
درجتُه: لا أصلَ له.
       انظر: الموسوعة (رقم: 21459)، التنزيه (2/56)، الإتقان (رقم: 1595)، الأسرار (401)، أسنى (رقم: 1244)، تحذير المسلمين (152)، الشذا (89)، خفا (رقم: 2191)، اللؤلؤ المرصع (466).
((لا يبدأُ جذامٌ وَلَا برصٌ إلَّا يومَ الأربعاءِ)).
درجتُه: موضوعٌ.
انظر: التنزيه (2/55)، الفوائد المجموعة (رقم: 1258)، اللآلئ (1/485)، الموضوعات (2/73)، الوضع في الحديث (2/385)، الموسوعة (8/19663)، ابن ماجه (رقم: 3487)، التذكرة (135).
((سُئِلَ النبيُّ - صلى اللهُ عليه وسلم - عَن الأيامِ، وَسُئِلَ عَنْ يومِ الأربعاء، قَالَ: يومُ نَحْسٍ، قالوا: وكيفَ ذاك يا رسولَ اللهِ؟ قَالَ: فيه أَغْرَقَ اللهُ فرعونَ وَأَهْلَكَ عَادًا وَثمود)).
درجتُه: موضوع.
انظر: الموسوعة (5/117165)، اللآلئ (1/486).
 
 الهوامش

([1]) لسان العرب، ابن منظور، (2/112).

([2]) قال الصاغاني: "موضوع"، وكذلك ابنُ الجوزي، انظر: الموضوعات، ابن الجوزي، (2/73)، اللآلئ، السيوطي، (1/485)، تنزيه الشريعة، الكناني، (2/55)، الترتيب، الذهبي، ص(38)، لسان الميزان، ابن حجر، (6/34)، الفوائد، ابن القيم، ص(438)، تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي، (14/405)، إصلاح المساجد، القاسمي، ص(116-118)، المقاصد الحسنة، السخاوي، ص(478)، معجم البدع، رائد بن أبي علفة، ص(40).

([3]) تنزيه الشريعة، الكناني، (2/56)، وقال الذهبي في الترتيب، (رقم: 38): (فيه مسلمة بن الصلت: متروك، وفيه من طريق آخر: الحسن بن عبيد الله الأبزاري: متهم).

([4]) إصلاح المساجد، القاسمي، ص(116-118)، فلينظر فإنَّه مُهم، والمقاصد الحسنة، السخاوي، ص(478)، ومعجم البدع، ابن أبي علفة، ص(40).

([5]) زاد المعاد، ابن القيم، (1/138).

المرفقات

المرفق نوع المرفق تنزيل
بدعٌ وأخطاءٌ تتعلقُ بالأيامِ (2).doc doc
بدعٌ وأخطاءٌ تتعلقُ بالأيامِ (2).pdf pdf

التعليقات

اضف تعليق!

اكتب تعليقك

تأكد من إدخال جميع المعلومات المطلوبة.

;

التصنيفات


أعلى